الدراما في رمضان مسلسلات وبرامج وإعلانات.. أفكار ورؤى وتساؤلات

منصة 2024/04/17
...

 د. عواطف نعيم

طوى الشهر الفضيل رمضان الخير أوراقه ومضى تاركاً وراءه ذكريات مفرحة وآمال متفائلة ورضا في النفوس لدى العباد، ورمضان شهر مبارك تترقبه النفوس لما له من ميزات في العبادة والتقرّب لله سبحانه والتفرّغ لتأمل ومراجعة النفس لأنه يجمع الأسر على مائدة إفطار واحدة. لكن هذا الشهر أصبح وسيلة لدى شركات الانتاج التي تتعامل مع مختلف الفضائيات للعمل والانتفاع والتنافس في تقديم الأعمال الدراميّة والبرامج الحوارية والمنوعة والمسابقات على مختلف أنواعها وتوجهاتها.
 ووسيلة للترويج للبضائع والسلع والمنتجات على مختلف مناشئها، تلك الشركات المنتجة التي تدخل في شراكة مع الفضائيات وتقدم لها نصوص المسلسلات ومقترحات البرامجيات والمسابقات.
وتختار طاقم الممثلين والفنيين الذين تناط بهم مهمة تنفيذ وتجهيز المنجز الفني أي أنّهم الوسيط ما بين أصحاب رؤوس الاموال وكادر العمل، وغالباً ما يكون بيدهم القدرة والتحكّم في توزيع الفرص، وكذلك الاستبعاد والاقصاء والتقريب والعطاء بحكم تلك الوساطة والصلاحيات التي منحت لهم.
إذ إن بعض القنوات تترك لتلك الشركات المنتجة والمنفذة المجال مفتوحاً ومتاحاً لها في الانجاز مقابل تقديم المنجز على شكل أشرطة يتم بثها حسب التوقيت المخصص لها في شهر رمضان من دون التدخل في آلية الاشتغال، ولكن هناك البعض من تلك الشركات قد تتدخل في اختيار فريق العمل ابتداءً من المخرج حتى أصغر فنان وتقني.
في شهر رمضان يتم الانشغال في انجاز تلك المسلسلات والبرامج في أماكن مختلفة من الاراضي العراقية ما بين بغداد والبصرة والرمادي وأربيل والسليمانية، وترى الممثلين متوزعين ما بين هذه الأماكن والأعمال، وترى آخرين من الفنانين قد تم منحهم فرصة واحدة في مسلسل ما، وترى آخرين يتنقلون ما بين هذا المسلسل أو ذاك.
ولعل من أصعب المشكلات التي تواجه المتلقي في متابعة تلك الاعمال والتأثر والاقتناع بها هو أن يرى ممثلا بعينه أو ممثلة محددة وهي تتنقل ما بين هذا المسلسل أو ذاك، ثم يراه أو يراها وهي تروّج لهذه السلعة أو هذا العصير أو ذاك المكيف أو تلك الالبان!.
قد يكون ميزة هذا الموسم الدرامي الرمضاني أنّه شهد انتاج كم من الأعمال والمسلسلات المتعددة والمتنوعة في موضوعاتها وحبكاتها وضخ العديد من الوجوه الشابة التي بعضها يقف للمرة الأولى أمام الكاميرا مع عدد آخر من "البلوكرات والإعلاميات واليوتيوبرات والفانشيستات"، متعللاً أي المنتج المنفذ وصاحب الفضائية أنه يسعى للترويج لعمله مستفيداً من متابعي ومعجبي هذه الفئات، والذين هم من غير الفنانين والفنانات أصحاب الاختصاص والموهبة، ولم يتم صقل مواهبهم أو قدراتهم بالتدريب والتوجيه والتمرين!.
تنافست فضائيات في تقديم أعمالها مثل "قناة الشرقية، والام بي سي عراق، واليو تي في وقناة دجلة، والرشيد، والسومرية"، وبعض من هذه القنوات اشترى عروضاً عربية لتقديمها في عرض ثالث ورابع من دون أن يفكر بشراء مسلسل عراقي وتقديمه دعماً للمنجز العراقي. وأصبح التوقع موجوداً للمتلقي العراقي في ما يتعلق بمن سوف يعمل ويقدم من مخرجين وكتاب وفنانين وفنانات، إذ إنّه بات يشاهدهم في كل موسم رمضاني هم وفريق عملهم إن كان لهم فريق وبعضهم معه، هذا الفريق والبعض الآخر
له مجموعة يتعاون معها في كل موسم ويداور معها الفرص من دون غيرها غافلاً عن فنانين وفنانات مزكاة مواهبهم من دون فرص.
وقد يسأل البعض وأين دور نقابة الفنانين من كل ما يحدث وهي المعنية الاولى بحفظ حقوق الفنان العراقي في منح الأجور التي تليق به، وفي توزيع عادل للفرص التي تمنح له!، ونحن لا نعرف عن هذا الدور سوى أن توقيع العقود ما بين الشركة المنتجة والفنانين والفنيين المناط بهم العمل لا بدَّ وأن يتم داخل نقابة الفنانين مع دفع الرسوم المطلوبة.
وطبعاً هذا التوقيع لا يرحب به المنتج المنفذ ولا حتى الفنان بدافع الخوف من الخسارة المادية، وأن النقابة لم تكن الجهة التي وفرت لهم فرص العمل، أو كان لها سوابق في الدفاع عنهم ضد ما يتعرّضون له من إجحاف أثناء العمل وبعده!.  
لكن هذا الموسم الرمضاني من العام الحالي أفرز لنا عدداً من الأعمال التي حققت حضوراً جماهيرياً متنوعاً ومؤثراً، ولعل أول تلك الأعمال، وأبرزها هو مسلسل "روح" للمخرج حسن حسني، و"خان الذهب" للكاتب محمد حنش، و"عسل مسموم" للمخرج السوري فادي سليم، ومسلسل "العائلة أكس" للمخرج علي فاضل، لأسباب اجتماعية وفنية وفكرية وجمالية رغم وجود ملاحظات على البعض منها؛ لذا لا بدَّ من وقفة منصفة في مناقشة وتحليل تلك الأعمال تأكيداً لأهميتها وجودة صنعتها، وبعضها لجدة موضوعها وجرأته. وللحديث تتمة.

  كاتبة ومخرجة مسرحية