بغداد: نوارة محمد
مشهد الطلبة وهم يخرجون ويدخلون من وإلى مدارسهم على شكل "شفتات" لثلاث مرات في اليوم الواحد يبدو جديراً بالصدمة والدهشة في العادة، لكنه من مشاهد الحياة اليوميّة في البلاد وطوال أيام العام الدراسي. وليس غريباً أيضا أن ترى كل ثلاثة طلاب يجلسون بمقعد خشبي واحد.
يقول أحمد وليد: تشهد البلاد ارتفاعا في عدد الطلاب مقارنة بعدد المدارس، الأمر الذي يؤدي الى اتباع النظام المزدوج نتيجة الزخم الذي تواجهه المدارس.. ويرى أن تقليص ساعات الدوام الرسمي نتيجة اتباع خطة الدوام المزدوج يؤثر سلباً في مستوى الطالب العلمي، "فطلاب الابتدائية بحاجة الى سبع ساعات دراسية على الاقل مثلما يحدث في مدارس العالم، لكننا في وضع كهذا نضطر الى تقليص ساعات الدوام الرسمي الى خمس ساعات في اليوم". ويضيف وليد وهو معلم اللغة العربية في مدرسة بحر العرب في منطقة حي أور شرقي ببغداد أن "هناك نقصاً حاداً في الأبنية المدرسيّة، والعام الدراسي الذي يستعد له الملايين بشراء الزي المدرسي والأحذية والكتب والحقائب وحجز مقاعد في معاهد الدروس الخصوصيّة، هو نفسه العام الدراسي الذي ينتهي قبل أن ينجز الأساتذة والمدرسون المنهج السنوي حسب الخطة التربوية".
من جهته، يبين محافظ بغداد عبد المطلب العلوي أن العديد من المدارس سيتم افتتاحها لفك اختناقات الدوام المزدوج، مضيفاً "والعمل على توفير بيئة تعليمية مناسبة، وأن الزيارات الميدانية لمتابعة تنفيذ وإنجاز المشاريع ضمن مسؤولياتنا وهي مستمرة.
أما المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيد فقد أكد قائلا لـ "الصباح": لدينا ضمن البرنامج الحكومي خطة لترميم 2000 مدرسة، أكملنا الجزء الكبير والاستعدادات لبناء مدارس جديدة كبيرة.
وافتتحت ٤٠٠ مدرسة في هذا العام ستسهم في تخفيف ضغط عدد الطلاب، لكن الوزارة بحسب السيد، تحتاج فعلياً إلى نحو 8 آلاف. وأضاف: بعد التعيينات الأخيرة التي شهدتها البلاد، لا سيما للمدرسين بدت هناك حاجة ملحة لاستقطاب الطلاب والمدرسين على المستويين التربوي والإداري.
وترى زينة مكي، وهي مدرسة وأم لثلاثة أولاد أن اللجوء الى المدارس الأهلية هو الحل الأمثل على المستوى الشخصي لضمان المستوى العلمي للطلاب، وهي مضطرة لدفع دم قلبها شهريا لتغطية أجور المدراس الأهلية أولادها الثلاثة ذوي الأعمار المختلفة. وتُؤكد أن "هنالك مدارس حكومية أنموذجية جيدة على المستويين التعليمي والتربوي، لكن الحصول على ورقة قبول في هذه المدارس أمر صعب ومعقد جدا. واذا ما لم تُحل هذه المشكلات فنحن مضطرون في هذا الوقت للجوء الى المؤسسات الأهلية وتحمل كافة تبعات هذه الحلول الترقيعيّة التي تُحمل الأسرة العراقيّة أكثر من كاهلها".
في المقابل، ترى ميس عصام أن موضوع الأجور التي تعتمدها المدارس الأهلية تختلف بحسب الخدمة المقدمة، والمؤسسة التربوية الأهلية لا تختلف بشيء عن الحكومية في المنهاج والقوانين وما تخضع له الحكومية يسري على الأهلية أيضاً.
وتشير عصام، وهي باحثة اجتماعية إلى أن رغم حاجة التعليم الأهلي الذي يعده كثيرون خطوة جيدة لتطوير التعليم في العراق، وهو يسد ثغرة تعاني منها المؤسسات التربوية الحكومية من نقص الأبنية المدرسية والمختبرات والمناهج، لكنه لا يخلو من آثار سلبية وأخطاء بحاجة لإعادة النظر فيها لعل أبرزها؛ إن أبرز مستثمري هذه المشاريع يعتمدون على مساحات صغيرة ومواقع غير موفقة، فضلا عن عدم اعتمادهم زيّا رسميا موحدا، الأمر الذي يجعل الطلبة مُجبرين على شراء الزي، والمنهج، ويجبرهم فضلا عن التكاليف الدراسية المرتفعة التي قد تؤثر في إمكانيات المواطن، وتدفع مواطني الطبقات الفقيرة لعدم زج أبنائهم في المدارس الأهلية، ما يجعل التعليم في المدارس الأهلية حكراً على أبناء الأغنياء. في وقتٍ سابق تداولت محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي حادثة سقوط سقف بناية مدرسة الروضتين نتيجة الأمطار الغزيرة مما أدى الى اثارة الرعب قي نفوس طلابها، هذه ليست المرة الأولى ولا نعتقد إنها الأخيرة، فالتعليم في العراق يواجه مشكلات كبيرة بعضها يهدد الحياة، ويبدو أن المعالجات غائبة بسبب عدم تكامل أركان القلق في أذهان المسؤولين عن هذا الملف الخطير.