{العتاولة} بين الانتقادات والأخطاء

منصة 2024/04/18
...

 غفران حداد

لا تزال مشاهد حلقات مسلسل "العتاولة" الذي عرض في ماراثون الموسم الرمضاني 2024 يتصدر نسبة عالية للمشاهدات على منصات مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان والدول العربية، وحقق المسلسل أرقاما قوية على موقع "التيك توك" وصلت إلى 515  مليون مشاهدة، بجانب تصدر المسلسل لمؤشرات البحث علي جوجل خلال أول 15 يوما في شهر رمضان.

كاتب العمل هشام هلال قدم لنا الدراما الشعبية عبر الصراع الدموي بين الأخوة مليء بالإثارة والتشويق والحب،هذا  الصراع الذي جاء نتيجة الى الشعور بالغيرة والطمع والانتقام قد كان الشقيقان "نصار - أحمد السقا" و"خضر- طارق لطفي" ورثا الجريمة عن والدهما. أبدع مخرج العمل أحمد خالد موسى في تقديم أبطاله في أماكن وحارات شعبية وصراعات بين تجار المخدرات والعلاقات غير الشرعية وبين رجال الأعمال الفاسدين.

كان "نصار" رجل العصابات الذي يتخلى عن التحالف مع شقيقه "خضر" من أجل المرأة التي يحبها "حنة" زينة التي كان أداؤها ثابتا ونمطيا، أيضا أبدع الفنان باسم سمرة بتقديم شخصية "عيسى الوزان" الذي أمتعنا بدور الشرير الضاحك وتنوعت الادوار النسائية بين الحب والقوة حيث قدمت الفنانة فريدة سيف النصر بشخصية" سترة" المرأة المتسلطة وأم لولدين وكاركتر وهي ترتدي ملابس وتضع ماكياج مبالغاً فيهما يناسب الخلفيّة الاجتماعية للشخصية، تفاصيل العمل واقعي بدرجة كبيرة ويعكس الصراعات الاجتماعية في الحارات التي يتعرض لها الكثير من الاشخاص في المجتمع المصري بشكل خاص والمجتمع العربي بشكل عام.


أخطاء العمل

رغم الإعجاب الكبير الذي حظي به مسلسل "العتاولة" لكن هناك اخطاء في بعض المشاهد، منها بظهور الممثلين في شوارع ومناطق مدينة الاسكندرية، ولكنها لا تتماشى مع اسماء والمناطق التي يفترض أن يتوجهوا اليها في العمل،من الأخطاء ايضا حين اكتشف  "نصار" أن ابنه من "عيشه" مي كسّاب قد تم تبديله في حضانة المستشفى الحكومي، وأن ابنه الحقيقي هو" مالك" الذي يعيش في أسرة غنية ترتب على هذا الحدث خطأ هو أن الأسرة الغنية التي تعيش في "فيلا بحمام سباحة داخل كمبوند فاخر" وضعت طفلها الأول داخل مستشفى حكومي، وهو أمر غير منطقي ولا يمكن أن يحدث في الواقع.


مشاهد غير مناسبة 

كانت هناك الكثير من المشاهد التي اعتبرها متابعو المسلسل غير مناسبة للعرض في شهر رمضان، إذ عرض في الحلقة الثانية مشهد "ديحا" نهى عابدين، وهي تجسد دور راقصة تجمعها علاقه من دون زواج مع "خضر" وترقص له والاخير ظهر وهو يحمل في يده سيجارة "حشيش"، أيضا مشهد التحرش اللفظي من قبل "عاطف" وجسّده الفنان مصطفى ابو سريع اثناء محاولته لمس "دينا" هدى الاتربي اثناء تواجدها داخل المطبخ لتدخل عليهما "شادية" مريم الجندي، وهذا المشهد كان مستفزاً بشدة للجمهور.


غياب المصداقيَّة

نلاحظ طبيعة المرحلة العمرية لكل من السقا ولطفي، والتي تجعل من أدائهما ينطوي على شيء من الافتعال والتصنع وغياب المصداقية في ضعف الأداء في مشاهد الحركة، وتراجع اللياقة البدنية بشكل واضح، حيث أن سن أحمد السقا كسر حاجز الخمسين من العمر، أما طارق لطفي الذي يقترب من منتصف الخمسين من العمر، إن لم يكن من الستين بحسب بعض المصادر، جسد الاثنان دورين كان من المفترض أن يذهبا لممثلين في العشرين أو الثلاثين، لكنهما ذهبا لنجمين يحملان الكثير من التجاعيد في الوجه، والهالات السوداء أسفل العيون، حيث لم يعد تكوينهما الجسماني يعطيهما الكثير من الأريحية لتجسيد شخصية الصعلوك خفيف الحركة الذي لا يكاد يستقر في مكان واحد.

وبرغم كل الانتقادات وبعض الاخطاء لكن كل حلقة من مسلسل "العتاولة" كانت اشبه بفيلم سينمائي اكشن وتشويق بعيداً عن الرتابة والملل المعتاد عرضه لجمهور العربي اثناء مشاهدته الاعمال في المواسم الرمضانيَّة سابقاً، ورغم ان البطولة كانت بشكل عام" رجالية" تحيط بالبطل الشخصيات النسوية من حبيبة او شقيقة، أم، أو عشيقة،لإبراز  قوته "شهامته" أو جبروته وتسلّطه لمعرفة الحقيقة التي يلهث وراءها،لكن  كانت ملامح كل شخصية نسائية في العمل مميزة وتعتبر بطلة المسلسل وكل دور قُدم غير بعيد عن واقع المجتمع العربي، رغم أن الكثيرين كان يتمنى تسليط الضوء على شخصيات نسوية تشبه المرأة العربية التي نصادفها في يومياتنا من أماكن العمل والترفيه والتي تبيع على الأرصفة وحتى في المواصلات العامة، شخصيات مكافحة لأجل بناء وديمومة الأسرة وليست شخصيات تعيش في الظلام تتعرض للاستغلال والتحرّش والاغتصاب والاجهاض.