مهرجان بابل.. السلام على العراق وفلسطين
الحلة: محمد إسماعيل
تصوير: كرم المعتصم
انتشر فصيل ضابطات مراسيم وزارة الداخلية العراقية، مشكلا سياجاً جمالياً ساحراً، أمام المسرح البابلي في المدينة الأثرية، بينما الفرقة الوطنية السمفونية بقيادة المايسترو علي خصاف تعزف النشيدين الوطنيين {العراقي والفلسطيني} إيذاناً بانطلاق فعاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان بابل لثقافات وفنون العالم دورة غزة، مساء الجمعة الماضية.
وتحت شعار {كلنا بابليون} ارتقى المسرح ضيوف المهرجان عرباً وأجانب، وقالت من بينهم الفنانة حنان شوقي من مصر: {أحبكم.. مساء الورد.. كل عام وأنتم طيبون وبالسلام متمتعون}.
وعرضت قصيدة متلفزة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بعنوان "عابرون في كلام غير عابر": "أنتم لا تعرفون كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء.. منكم السيف ومنا دمنا". كما قد احتفى المهرجان بالذكرى الخامسة والعشرين لرحيل الشاعر عبد الوهاب البياتي.
أقطار القلب
ارتقى المنصة مؤسس ورئيس المهرجان الشاعر د. علي الشلاه، قائلاً: مساء بابلي سعيد، بدأ بقيض صيفي آمل أن ينتهي بقيض آخر، أشكر حضوركم البهي وأشكر من لبى الدعوة الذين لم ترعبهم الأحداث الدولية المحتدمة في المنطقة، أهلاً وسهلاً بضيوفنا.. الأجانب والعرب والعراقيين من سائر أقطار القلب، يريدون الثقافة حلاً في الأرض التي خطت الحرف الأول واخترعت حياةً حضارية راقية منذ آلاف السنين وأنشأت وأنشدت الملاحم الأولى, مؤكداً أننا "مصرون على ثقافة رصينة، تفتح حواراً مطلقاً يحلق في فضاءات المكان والزمان مستمداً رؤى الماضي ملء الحاضر الذي يصب في مستقبل أكيد".
وأضاف متابعاً: "السلام على العراق وفلسطين.. السلام عليكم".
وخير ما يرحب من خلاله محافظ بابل عدنان فيحان الدليمي، بالضيوف.. كلام الله جل وعلا: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ", مواصلاً: أهلاً بالحاضرين في مهرجان يتخذ من الثقافة الفلسطينية عنواناً.. أهلاً بكم بسيدة التاريخ ومهد الحضارات.. بابل، التي كتبت قصة الخلود؛ عائدة لبناء مستقبل واعد.
ولفت إلى أن: مثل هذا المهرجان يدل على تعافي العراق من آفة التكفير المتطرف، وعادت أرضه منبعاً لثقافة تلتقي مع الآخر حول حوار حضاري رفيع، مشيراً إلى أن هدف المهرجان هو إحياء ذكر بابل, وكذلك تسليط الضوء على تراثها، إيماناً بأن التراث هوية ووسيلة تفاهم بين الثقافات.
أغنية لفلسطين
من جهتها, شاركت الشاعرة الفلسطينية أسماء الحاج، منتخية بالعراق بأغنية: "والله ومحتاجك يا خي.. عندي مثل الهوى والمي، متأوهة: آه يا عراق، جئت أشكو هول المصاب.. أنا الفلسطينية التي سارت على درب الرجال والمحال.. سارت على البسيطة ممشوقة بقامة بندقية.. راودتني العثرات عن نفسي وما هنت، عائدة إلى الغناء: إمنحيني الصبر يا غزة.. وأضيئي الشمس بشكل حزين".
كما قدم عرض أزياء مشترك "العراق وفلسطين" أجادت فيه الفنانة لبوة عرب التمثيل رقصاً.
وتوالت فقرات حفل الافتتاح إلى ما بعد منتصف الليل عبر فقرات متعددة منها مشاركة الفنانة العراقية المغتربة بيدر البصري في أغنيات تراثية أدتها أوبرالياً مع الفرقة الوطنية السمفونية بقيادة المايسترو علي خصاف، تلاها الفنان مهند محسن.
وكان منتجع بابل السياحي صباحاً, قد شهد افتتاح الشاعر موفق محمد معرض الكتاب، مشفوعاً بتصريح الشاعر الشلاه لـ "الصباح": يتشرف مهرجان بابل لثقافات العالم، أن يفتتحه إيقونة الثقافة الحلية, بل العراقية قاطبة الشاعر موفق محمد؛ فقد دأب المهرجان على أن يفتتحه مبدعون.
حضور الشبكة
شكل مكتب شبكة الإعلام العراقي في الحلة، فريق عمل مؤلف من الزملاء زين العلي وأزهار السلطاني المراسلين، أما المصورون فهم أزهر فلاح وخلدون منذر، حيث ألمح زين العلي إلى أن حضور الشبكة واضح من انتشارها بين تفاصيل وأروقة المهرجان، واصلين الليل بالنهار من دون كلل، مستطرداً: لقد غطينا مهمة الإنتاح ونواصل العمل بين معرض الكتاب ورواده والجلسات الثقافية التي تنظم فيه، وبين محاور منهاج المهرجان واحداً واحداً وبالتفصيل حتى اختتام الفعاليات.
احتراف الكتب
في المقابل, قال مدير معرض الكتاب حسين نهاية: تشارك واحدة وعشرون داراً من العراق ومصر والأردن ولبنان والإمارات، حيث فرضنا تخفيضات ومنحنا كوبونات مجانية لطلبة الدراسات العليا والباحثين والدارسين والأدباء والفنانين والإعلامييين. أما مديرة جناح دار العارف للنشر والتوزيع زينب حسن فقد أشارت إلى أن الجناح يضم مئة عنوان في الأدب والرواية والشعر والنقد والمسرح، لكن الغالبية العظمى هي إصدارات دينية وسياسية، موضحة "أحب عوالم الكتب فهي بالنسبة لي هواية قبل أن تتحول إلى احتراف في التعامل مع الإصدارات وطروحات الوعي الحديث".
من جهتها، أوضحت مديرة جناح دار الفراشة الكويتية قمر حسن أن "عشرات العناوين جاءت من دولة الكويت الشقيقة، كلها مؤلفات أدبية مهمة لكتاب عرب وأجانب، وقد ضم جناح دار أيام العراقية، مئتي عنوان، بحسب مديرتها أيام رشيد، التي بينت: تشمل ميادين المعرفة والجمال كافة؛ بحيث شهدنا إقبالاً من فئات وشرائح وأعمار كثيرة. كما ذكرت "نحن وكلاء دار المكتبة العربية المصرية".
وأعلن رئيس الهيئة الإدارية لفرع بابل من اتحاد الأدباء الشاعر أنمار مردان: يضم جناح اتحاد الأدباء إصدارات الاتحاد، وكمسؤول للجنة الثقافية في المهرجان قال رئيس اتحاد بابل الشاعر أنمار مردان: البرنامج الثقافي لمهرجان بابل يضم قراءات شعرية وقصصية وتوقيع كتب ومحور تجربتي ونقداً وعروضاً مسرحية وسينمائية، لعراقيين وعرب وأجانب ومؤتمراً عن الآثار يحاضر فيه العالم الألماني ريتشارد.
جهات ساندة
وأشار رئيس قسم الإعلام والعلاقات في فرع كربلاء من هيئة الإعلام والاتصالات حيدر المعموري، إلى أن الهيئة تشارك بفعاليات عدة، منها معرض بإصدارات الإعلام وندوة عن "التحول الرقمي" يلقيها رئيس الهيئة د. علي المؤيد، وضيوف عرب وأجانب، ومتحف مؤقت بأهم منجزات هيئة الإعلام والاتصالات ومنشورات وخدمات نقدمها لرواد المهرجان بشأن عالم الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات وعرض بالمنشورات المجانية ومنفذ لتصميم المواقع الإلكترونية IQ وتسهيلات إعلامية للمؤسسات.
ومن الجهات الساندة مخابز باب الآغا، التي تشارك للدورة الرابعة بتقديم الشاي والمعجنات مجاناً لرواد المهرجان.
وتشارك آسياسيل راعية للثقافة والفنون بدعم المهرجان للدورة الرابعة بإشراف رئيس مجلس إدارة الشركة فاروق مصطفى رسول، وفق حديث ممثل الشركة في المهرجان إسماعيل فؤاد إسماعيل، مستفيضاً: دعم معنوي وتوفير خطوط مجانية وهدايا للمشاركين في فقرات المنهاج العام.
كما تشارك أيضاً شركة هاب جين، بتقديم هدايا عينية قيمة للرواد والمشاركين في الفعاليات، وعبر مدير قصر الثقافة والفنون في الحلة علي السباك عن دعم القصر للمهرجان.
نقابة وكلية
وقد شارك فرع نقابة الفنانين في بابل إلى جانب كلية الفنون في جامعة بابل، بثمانٍ وتسعين لوحة ومنحوتة وقطعة خزفية، للأساتذة كلٍّ من د. جلال رحيم ود. أسعد جواد ود. حيدر عزيز وروان حبيب.
إدارة تأملية
من إدارة المهرجان كشف بهاء العلكاوي: لم نواجه صعوبات.. الجهات كلها متعاونة، وتابع د. محمد الربيعي أن "العراق بيئة ثقافية جاذبة بحكم العمق الحضاري", مشيراً إلى أن لبابل خصوصية تميزها عن محافظات العراق ودول العالم؛ لأنها وريثة الحضارة الأولى، وأبناؤها يمتلكون شبكة علاقات دولية، يحترمها أكاديميو العالم ويستجيبون لها مرحبين.
وردة الثلج
قبل أن ترتقي مسرح معرض الكتاب لتقديم الجلسة الثقافية الأولى، سألت الزميلة لنى عبد الكريم، عن معنى إسمها؟
فأجابت أنه نوع من الورد الذي ينبت في تركيا حصراً؛ لأنه ثلجي الغذاء، ومن على المنصة قالت وردة الثلج: مساء القصائد والأغاني في أرض حمورابي بين الجنائن المعلقة ومملكة تموز وأنانا.
كما قد تضمنت الجلسة كلمة لرئيس المهرجان د. الشلاه وقراءات شعرية لموفق محمد، في قصيدة "كتاب القتلى", شعر موفق محمد أبو خمرة، ومحاضرة "سيرتي" للروائية العمانية د. جوخة الحارثي التي قالت في جلسة أدارها د. محمد الربيعي إنني "سعيدة برؤية دجلة والفرات وبابل والكرخ والرصافة التي أطربتني القصائد متغزلة بها", ثم عزف أسامة كمال الدين على آلة القانون ألحاناً
عذبة.