تجربة نادرة تخوضها "أم أوس" في افتتاح مشتل لبيع الزهور وسط ناحية جلولاء، في خطوة لا تعدُّ تقليديَّة وسط مجتمع محافظ وتغلب عليه النزعة العشائريَّة، واختيار (أم أوس) العمل في المشتل يعودُ الى ولعها منذ الصغر بالنباتات وبكل ما يتعلق بها من كتب ومجلات وأفلام وثائقيَّة.
(أم أوس) التي تجاوز عمرها الأربعين سنة وتملك شهادة الدراسة المتوسطة كانت قد أقنعت زوجها قبل سنوات وبصعوبة على افتتاح محل صغير لبيع الزهور خاصٍ بالنساء في منزلها بعد أنْ خسر زوجها عمله وضاقت الأوضاع المعيشيَّة بعائلتهما المكونة من أربعة أطفال أيضاً، ولكنَّ فرحتها بعملها الجديد لم تدم أكثر من سنة واحدة حيث سيطرت عصابات "داعش" الإرهابيَّة على جلولاء واضطرت العائلة الى النزوح خارج المدينة ثم عادت بعد تحريرها لتجد محلها مدمراً، ولكنها ثابرت وافتتحت مشتلاً كبيراً اسمته "الزهور" لبيع الورود ونباتات الظل.
وتحدثت أم أوس لـ (الصباح) بزهوٍ قائلة: "بالحقيقة لم أواجه كثيراً من الصعوبات والعقبات الاجتماعية رغم كون المجتمع تقليدياً ومحافظاً والسبب في ذلك ربما يعود الى التدرج في المشروع، إذ افتتحت مشتلاً صغيراً خاصاً بالنساء في البداية وبعد أن اعتاد الناس عليه افتتحت مشتلي الحالي الذي أصبح عاماً ومتاحاً لكلا الجنسين".
لكنها رغم ذلك لم تخف وجود الكثير من نظرات الاستغراب والاستفهام التي تلاحقها أحياناً من قبل البعض لكون المجتمع لم يتعود بعد على امرأة فاعلة وعاملة في هكذا مجالات فهي المرأة الوحيدة التي تدير مشروعاً تجارياً كهذا في جلولاء باستثناء بعض الصالونات النسائيَّة المنتشرة في المدينة.
ما شجعها على مواصلة عملها الدعم الذي تلقته من أسرتها ومن ثم الإشادات التي حصلت عليها لاحقاً، إذ أجري معها قبل أشهر لقاءٌ مطولٌ مع مجلة انكليزية وجرى تكريمها قبل أقل من شهر كإحدى أبرز النساء الفاعلات في
جلولاء.
واختتمت حديثها موجهة نصيحتها لجميع النساء الراغبات في الدخول الى هكذا مشاريع واقتحام الحياة الاجتماعية قائلة: "يفترض على المرأة وهي تخطو نحو عملها الخاص أنْ تكون لديها دراية ومعرفة كبيرة عما تفكر فيه، وقبل ذلك لا بدَّ أنْ تكون لديها جرأة كبيرة وشجاعة فائقة على تخطي المعرقلات في بداية العمل ثم الصبر والمثابرة وتحمل السخريَّة".