احمد داخل
دأبت الدول الصغيرة أو الضعيفة أو التي تواجه ازمات سياسية، واقتصادية أو اضطرابات أمنية وتهديدات عسكرية من تلك الدول الكبيرة والقوية.. باللجوء إلى اتباع سياسة (التحوط الاستراتيجي)، معها من اجل المحافظة على مصالحها القومية، والاستقرار السياسي والامني، والعمل، على تنفيذ أهداف سياستها الخارجية، وصيانة أمنها القومي، في مواجهة أية مخاطر يمكن أن تتعرض لها.. وهذا ما ينطبق على العراق ما بعد 2003 حيث شهدت البلاد مزيد الازمات السياسية والامنية على المستوى الداخلي والخارجي.. والتدخلات من بعض دول الجوار الاقليمي، وغيرها، وفي الغالب ما يقع العراق ضمن دائرة الصراع التي تشهدها المنطقة حتى وان لم يكم طرفا فيه.. اذ يسعى العراق بالنأي عن تلك الصرعات من اجل المحافظة على استقرار البلاد واعادة بناء اقتصاده.. في بلد مثل العراق وفي ظل الظروف التي تشهدها المنطقة بحاجة إلى حليف واحد قوي وشراكات متعددة لتفادي التدخلات أو المساس بسيادته. والأمر هنا يحتاج المساعدة والتعاون من بعض دول المنطقة والدول الكبيرة التي لديها مصالح في العراق والمنطقة، وهذا الامر يُخضع البلد للمساومات، في العادة واتباع سياسة المسايرة خشيةً المحافظة على أمنه القومي.. حكومة السيد محمد شياع السوداني منذ الوهلة الأولى يظهر انها تتبع السياسة الوسطية والاتزان في معالجة هذه الازمات بحكمة واعتدال من دون التعرض إلى المساومة والاملاءات.. وعليه وحسب ما نُقل فان اجندة السيد السوداني في زيارته الاخيرة إلى الولايات المتحدة الامريكية، تحمل معها الكثير من الملفات الامنية والسياسية والاقتصادية والمالية، ولعل من أهمها الملف الاقتصادي.
فالسوداني يسعى إلى اعطاء تطمينات للشركات الامريكية للعمل والاستثمار في العراق من اجل التسريع في عجلة البناء، ومزيد من الاصلاحات المالية.
فالواضح من برنامجه، ومنذ تسنمه للسلطة شرع في العمل على تحسين الواقع العمراني والخدمي في عموم البلاد.. يضاف إلى ذلك الملف الاهم، والابرز الابتعاد عن الصراعات الدائرة في المنطقة. لذا فأن الزيارة لا تقتصر على اللقاء بالرئيس الامريكي جو بايدن ووزير خارجيته انتوني بلينكن ووزير الدفاع الامريكي أوستن، ومستشار الامن القومي لمناقشة، وتفعيل بنود اتفاقية الاطار الاستراتيجي، والاوضاع الاقليمية الدائرة في المنطقة، وبخاصة موقف العراق الرسمي من أحداث غزة الاخيرة، فالمعلن من بعض وسائل الاعلام أن دائرة اللقاءات ستشمل لقاء السوداني عددا من النواب الامريكان وبعض اعضاء مجلس الشيوخ، وعدد من الشركات الامريكية، ويبقى التساؤل قائما؟ هل يفي الطرف الاخر بوعوده ويتعاطى مع مصالح ورغبات العراق التي يطمح اليها، وهو مساعدة أمريكا اليه على جميع الصعد من دون مساومات.. ام ستسوَّف هذه الزيارة مثل غيرها كما حصل مع رؤساء الحكومات التي سبقت مجيء السوداني.. وهو أن الهدف الذي تسعى اليه امريكا يتلخص برعاية المصالح الامريكية في العراق والمنطقة. واستمالة موقف العراق إلى جانبها.