الفيتو والعنف الدبلوماسي

قضايا عربية ودولية 2024/04/24
...

علي حسن الفواز



يمكن للسياسة أن تكون قناعا للحرب، ويمكن للدبلوماسية أن تجعل الحرب مسلسلا مفتوحا للعنف السياسي، وهذا ما يجعل بعض الدول الكبرى تفرض حروبها على الآخرين من خلال سرديات السياسة والدبلوماسية والاقتصاد.

الاستخدام الأميركي لـحق النقض "الفيتو" في تعطيل مشروع قرار منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، يكشف عن تلك المعطيات التي أكدت أنّ الولايات المتحدة جزء من الحرب وليست جزءا من السلام، وأن ممارساتها في "العنف الدبلوماسي" وفي العقوبات، وفي دعم الكيان الصهيوني، تضعها في  السياق الذي يسوّغ استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة وفي معظم الأراضي الفلسطينية الأخرى.

منع الشعب الفلسطيني من حيازة الحق السيادي، والاعتراف بشرعيته الدولية، موقف أميركي يتسق مع فرض حلول "إسرائيلية" على الواقع، والتأكيد على حسم الوضع العسكري في غزة، تواصلا مع كلّ جرائم التدمير الوحشي التي تحدث في القطاع، وهو ما يفضح سياسات السلوك المتناقض، وازدواجية المعايير الأميركية، ولعل الموافقة الأخيرة لمجلس النواب الأميركي على تقديم على حزمة جديدة من المساعدات الأمنية لإسرائيل، تؤكد هذا السلوك، وحقيقة ما تسعى إليه الولايات المتحدة لتأمين ضمانات استمرار التفوق العسكري للكيان الصهيوني.

ما ينطوي عليه هذا الموقف يُثير أسئلة حول طبيعة عمل الأمم المتحدة، وعن الدور الأميركي في منع إصدار أي قرار يتقاطع مع سياسة الولايات المتحدة، فإعلان استخدام "الفيتو" في تمرير القرار، يعني رفض الولايات للحق الفلسطيني، ولأيّ إجراء يخص منع استمرار العدوان، وفرض سياسات الحرب والاستيطان، وحماية المدن الفلسطينية، وهو ما يعدّ مؤشرا على ضرورة المراجعة النقدية للمواقف الأميركية في المنطقة، منعا لمواصلة تزييف الحقائق، وتحويل القضية الفلسطينية إلى موضوع عائم للتهجير، والطرد الممنهج، والدعوة إلى فرض واقع جديد، ينطلق من أهمية حماية حق الشعب الفلسطيني في أرضه وفي وجوده.

إن ما حدث على الجبهة الدبلوماسية، أسهم في تكريس سطوة العدوان القائم، عبر منع تمثيل الشعب الفلسطيني في المحفل الدولي، ونقله من صفة المراقب إلى العضوية الكاملة، وعبر تبريرات ضيقة الأفق، لا تخرج عن المنظور الأمني الذي يريده الكيان الصهيوني، ويفرضه كخيار يمنع عرض هذا المشروع مستقبلا! مقابل "المصادقة على خطط لاستمرار العمليات العسكرية في غزة" واستمرار سياسة الولايات المتحدة في دعم الكيان الصهيوني عسكريا وأمنيا ولوجستيا، وإفشال مشاريع القرارات التي تهدف إلى وقف إطلاق النار في القطاع.