بغداد: نوارة محمد
في بلد ينمو سكانيا بشكل متسارع يحدث أن نرى {سيدة حامل} تعمل في دوائر الدولة أو تتواجد في أماكن التسوق والمواقع العامة، إلا أن ذلك لا يبدو مريحا للبعض من الذكور من الذين يجدون في عناء السيدة الحامل وسيلة للتنمر والسخرية واطلاق العبارات الخادشة بهدف التحرّش.
المرأة العراقيّة بشكل عام لا تتوقع من الآخر سلوكا حسنا، لذلك تزداد العزلة بين الجنسين رغم شيوع ثقافة التقيّد بالمعايير الاجتماعيّة والأخلاقيّة والدينيّة، إلا أن التعايش المحترم بين الجنسين ما يزال بعيد المنال.
تقول أسيل كمال إنّ "المتنمرين الذين أطلقوا بوجهي عشرات التعليقات المؤذية خلال فترة حملي جعلوني أكره تذكر هذه التجربة، الأمر لم يكن ينتهي عند المزاج اللطيف او إطلاق عبارات السخرية من شكل جسمي الذي تغيّر لكنّني كنت غالبا ما أتعرض لتحرّش جنسي لفظي من قِبل الرجال الذين لايراعون الأخلاق وسرعان ما أصبحت عبارة (يا له من محظوظ) ملازمة لي طوال تلك المرحلة.
صرت أفضل الجلوس في المنزل تجنبًا للاستماع لمثل هذه العبارات الوقحة".
وتتابع كمال: في هذه الفترة اتفق الجميع على ان التنمر والجمل المحبطة تضع النساء الحوامل في حالة نفسيّة سيئة جدًا ومن الممكن ان تؤثر في طريقة معيشتها وتغذيتها خلال فترة الحمل الأمر الذي يؤثر سلبًا في الجنين.
وتعتقد هبة الله نعمة،31 عاماً، أنه وبعد أن تزايد وزني في الحمل الثاني، وصفني البعض بـ "الدبة" الأمر الذي جعلني أصاب بالاكتئاب من تغير شكلي وعدم تقبّل نفسي مرة أخرى، حتى "أنني لم أشعر برضا بعد ذلك، فأنا ومنذ إجراء عملية الولادة دائمة الخضوع لعمليات التجميل، وبدا "البوتوكس والفيلر" حيلتي في الهروب من شعور النقص.
وتُشير هبة وهي أستاذة جامعيَّة الى أن الأمر الأكثر إيلاما أن تلقي الانتقادات السلبيّة لم يكن يقف عند الآخرين، لكن زوجي كان واحدا من بين هؤلاء المنتقدين لشكلي وجسدي وأنفي الذي كبر فجأة.
هبة عزيز الدبوني، وهي بلوگر وفاشونيستا ترى أن وسائل التواصل الاجتماعي وسيداتها ممن حصدن شهرة واسعة بوقت قياسي تروج صورة غير واقعيّة عن المرأة الحامل، إذ يظهرن بحال جيدة وأيام بغاية اللطافة والسهولة ويبدون أنيقات ومستعدات لإقامة جلسة تصوير في أية لحظة، الأمر غير واقعي وغير صحي وقد يُفاقم الضغوطات النفسيّة على كثير من النساء الحوامل؛ لذا قررت أن أشارك جمهوري صورة لي عبر حسابي على (انستغرام) كما يجب ان تكون أي سيدة تمر بهذه التجربة، "لكنني سُرعان ما فوجئت بتلقي مئات التعليقات السلبيّة وفوجئت بكم المتنمّرين الهائل الذين ظهروا كأشباح في صفحتي الشخصية.
هنالك من كتب (وجهك أصفر .. اكلي) وكتب آخر (خشمها بحجم حبة البطاطا) ووجدت أخرى تأسف على جمالي الذي ولى. لقد أعتادوا على الوجوه المفلترة والبلاستيكية ونسوا أننا بشر أيضا نعيش ونشعر ونمر بأوقات عصيبة"، وفقا لتعبيرها.
من جهته يؤكد الدكتور حميد يونس أخصائي الطب النفسي أن "النساء اللواتي تعرضن لنوبات الاكتئاب معرضات للإصابة بالقلق وارتفاع ضغط الدم ومشكلات في النوم وضعف التركيز وتدنّي احترام الذات، وصعوبة في القبول الذاتي، الأمر الذي قد يترك ضررا مستقبليا عليهن وعلى الجنين".
ويضيف: تلحق التعليقات السلبيّة ضررا عاطفيا بالمرأة الحامل ويؤثر التنمّر على صحة طفلها، لا سيما أنّ البيئة التي يكبر فيها الجنين في رحم أمّه يمكن أنْ تنعكس عليه بشكل مباشر بعد ولادته، إن الأطفال الذين عاشت أمهاتهم أياما عصبية وأوقاتا سيئة لا يتمتعون بصحة جيدة، اذا ما قورنوا بالأطفال الذين نموا ببيئة مثالية.