سعد العبيدي
في مقابلة لقناة روسيا اليوم مع السيد مروان القاسم، وزير خارجية الأردن الأسبق، قدمَ وقائع لقمم وتحركات عربية لمرحلة غزو صدام للكويت وما بعدها وملابسات الاتفاق على الانسحاب، ومقادير التضليل الذي قامت به دول عربية من أجل التمهيد الى إيقاع فعل الحرب على العراق والتمهيد الى تدميره، مقابلة صريحة لوزير قدير، تدفع المتابع المنصف الى الاستنتاج أن ما قام به العرب وقممهم التي عقدت كانت في اطار دور مرسوم لهم لإثارة المقابل أي صدام حسين ودفعه الى اتخاذ القرار غير المنطقي الذي يفترض أن يأخذه في الظروف الطبيعية، وقد تعاملوا وربما باستشارة تخصصية أجنبية مع حاكم العراق آنذاك أي صدام تعاملا نفسياً مبنياً على اثارة انفعال الغضب، والدفع باتجاه تحدي مصدر الغضب، والنتيجة قرار غير منطقي وضار لا يحسبه هو هكذا بداية المشوار أي أثناء اتخاذه.
واليوم تعاد الكرة ثانية من قبل الجهات العربية ذاتها التي تمثل سياساتها الخارجية آلية لعب الدور، إذ دعت على استعجال الى عقد ثلاث قمم في فترة قصيرة وفي مكان واحد هو السعودية، بعد يأس من القدرة على عقد قمة للعرب طوال هذه السنين الذي دق صدام في نعشها مسامير الفرقة والتشتت... سرعة يمثل حصولها والتسهيلات الحاصلة لإتمامها أن العرب القائمين عليها يسيرون على الطريق ذاته لتمثيل الدور ذاته الذي قاموا به من قبل، في اثارة غضب المقابل وتحديه. والمقصود هذه المرة إيران بعد أن أصبح العراق غير قادر على اغضاب أحد وان كان الأحد هذا دويلة لا تمثل الا نقطة على خرائط الجغرافية والسياسة.
لكن ايران غير العراق، وحكام ايران غير صدام حسين، إذ أنهم وحتى هذه اللحظة يتجهون صوب تجنب الوقوع في فخاخ الدور العربي الخليجي الذي يدفع الى التأزيم وجرهم الى الحرب، وقد نجحوا بعض الشيء، لكن نجاحهم في ساحة الصراع الدولي المعقدة غير مضمون، فخصمهم في هذه الساحة قوي، وله أدوات ضغط وتأثير، وله في المنطقة وسائل يمكن أن تغير سبلها من سبيل لم يفلح الى آخر قد يفلح، لحين الوصول الى الغاية المطلوبة وهي خنق ايران سواء عن طريق الحرب التي مازالت غير قريبة أو عن طريق الحصار، في محصلة ومهما فعلت وحاولت وناورت ايران في مجالها ستكون هي الخاسرة.
لكن ساسة ايران يجيدون حقاً فن اللعب الدبلوماسي للخروج من الأزمة بخسارة أقل في صراع كلا الاتجاهين في مجاله خسارة (صراع إحجام – احجام)، والى أن تنتهي هذه الأزمة بوقوع الضرر، سيبقى العرب في سلوكهم السياسي يلعبون فقط أدواراً يتسببون فيها إحداث الضرر لمجتمعاتهم وبمستويات تفوق في غالب الأحيان الضرر الذي يمكن أن يصيب أطراف الصراع المباشر أمريكا وايران.