في مرمى النيران

آراء 2024/04/30
...

  طالب سعدون


 يبدو أن صيفا ساخنا تنتظره المنطقة ليس في المناخ وتبعاته فقط بل في السياسة ومشكلاتها، قد يحمل من المتغيرات ما لم يكن متوقعا.. تغييرات سريعة تنذر بنتائج خطيرة.

الصيف السياسي ربما يكون أخطر من (الصيف المناخي)، لأن الثاني يمكن للتكنولوجيا أن تقلل من اثره السلبي بما اخترعته من وسائل التدفئة والتبريد، لكن التكنولوجيا نفسها عقدت السياسة، وشجعت ابتكاراتها على الحروب والعدوان، وقربت المسافات فيها وجعلت الأطراف المتحاربة في متناول بعضها عسكريا واستخباريا.

سيول وفيضانات وأمطار وزلازل خلفت وراءها دمارا كما هي السياسة ايضا.. فهل كانت (اسرائيل ) تتوقع يوما أن تكون بهذه الدرجة من الضعف والسخرية، امام فصيل مقاوم فلسطيني واحد، لولا ظلمها وغرورها وعدوانها.. فكيف بها لو ( توحد الجميع ) عليها عربا ومسلمين.. اين تلك الهالة والجبروت والقوة التي مارستها على مدى تاريخها .. وكيف أصبحت بعد أن داهمتها سيول المقاومة وأمطارها الغزيرة في ليل عاصف؟.

لقد وصلت (إسرائيل ) إلى درجة من الصعب جدا ان تستعيد نفوذها السابق واسطورة القوة التي رسمتها لنفسها قبل هذا التاربخ.  بالمقابل صعدت المقاومة الفلسطينية كثيرا ووصلت إلى درجة، فاجأت العالم في عمليتها المباغتة في داخل ارض العدو في ما يسمى بالخط الأخضر، وأجبرته على الاعتراف بها واعلان حالة الحرب والطوارئ، التي لم يعلنها منذ حرب اكتوبر 1973ولم يخرج من هول صدمتها، ألا بعد ساعات طويلة ليبدأ حربه الشرسة، بكل أسلحتها بما فيها المجاعة والتهجير ومع ذلك لم يحقق العدو أي هدف من اهدافها إلى الآن، فلا تزال غزة تحت سيطرة حماس وبجدارة ويشهد العالم كله على فشل العدو وسقوط هيبته وانه القوة التي لا تهزم.. فقد هُزم عسكريا واستخباريا ومعنويا وتخلى حتى مؤيدوه عن شروطهم لحجم الجرائم الكبيرة، التي ارتكبت ضد الفلسطينيين، ولم يكن امامهم غير اطلاق الدعوات لوقف النار لإنقاذ حليفهم من ازمته، بعد أن كانوا يرفضون ذلك ويمنعون حتى دخول المساعدات الانسانية لغزة.. ويعيش العدو على مدى اكثر من سبعة اشهر حالة من الهزيمة المروعة والاندحاروتظهر هذه الحقيقة على الأرض، اذ لا تزال حماس هي التي تسيطر على الوضع في غزة على حد ما تقول نيوزويك الامريكية وتحول خطاب العدو من الغرور باجتثاث حماس إلى عدم الاذعان لها ولمطالبها وشروطها .. وليس هناك بعد هذه الانتقالة من دليل ابلغ على هذه الهزيمة الشنيعة.

والتطور الآخر أن (إسرائيل ) تعرضت إلى هجوم في عقر دارها، ليس من مسافات قريبة فقط، بل من مسافات طويلة بكم هائل من الطائرات المسيرة والصواريخ.. كان رسالة واضحة بأنها (اسرائيل ) في مرمى نيران أي دولة من دولة المنطقة واسقط هذا الهجوم هالة أخرى لها وهي القبة الحديدية، بعد أن أربك نظامها على حد قول صحيفة جيروزاليم بوست التي وصفت الشعور السائد لحظتها بمثابة يوم القيامة، ( بينما كنا ننتظر ما بدا وكأنه بروفة لهرمجدون (معركة نهاية العالم)، التي سمعنا عنها جميعًا منذ الطفولة ) على حد قول الكاتبة الاسرائيلية كوكي شويبر إيسان.الطرفان في ردودهما على بعضهما ارسلا رسالة واحدة مضمونها قدرتهما على اختراق دفاعاتهما مع خسارة واضحة ( لاسرائيل)، لأنها لم تعتد عليها سابقا بفقدانها هيمنة التصعيد والمبادأة في الهجوم وتكرار الهجمات دون

 رد. إن مشاركة دول مثل امريكا وبريطانيا وفرنسا في صد الهجوم، وسع من نطاق الحرب التي ادعت الاطراف المختلفة حرصها وعدم رغبتها بتوسيعها.. وهذا يؤكد أن (إسرائيل) ليس وحدها في الحرب على حد قول الصحيفة الإسرائيلية.. واثبت ذلك ما كان يقال على مدى سنين طويلة بان ( إسرائيل ) قاعدة عسكرية لهم أو (جدار الحماية) للدول التي ساعدتها على حد تعبير الصحيفة الاسرائيلية.. وقد حاول نيتنياهو أن ينقذ نفسه وحكومته وفشله ويستغل حلفاءه، بعد أن بلغ درجة كبيرة من الانهيار على المستوى الداخلي 

والخارجي..