التعريف بالصفحة
حذار من اليأس صفحة أسبوعية تصدر صباح كل خميس، تعنى بالمشكلات الأسريــــة والاجتماعيــــة والنفسيــــــة والعاطفيـــة والدراسية، وتعرضها كما ترد في رسائل القراء إليها، وتقدم الحلول والمشورة العلمية لأصحابها، وتعمل على إشاعة الثقافة النفسية لدى الأسرة العراقية الكريمة. يعدها ويحــررها: الدكتور قاسم حسين صالح، ونتلقى رسائلكم على ايميلنا هذا : [email protected]
قبل خمس سنوات كنتُ جالساً مع أحد أصدقائي وحكى لي قصة أنَّ أحَّدَهم استطاع أنْ يُخرِجَ روحَه من جسدِه ليرى نفسه، فأحسست بخفقان قلبي تسارع وجاءتني أفكارٌ كأنّي سوف أموت ورأيت الدنيا سوداءً ولم أستطع تمالك نفسي، فخرجت من السيارة لأهرب من الموضوع، ومن ذلك الوقت والحالة في تزايد.
بعدها بسنتين بدأت أخاف أنْ أشاهدَ نفسي في المرآة، وعندي كوابيس وأحسُّ أنَّي سوف أموت، لا أستطيع التركيز، وأكثر شيء أتعبني أني لا أستطيع الجلوس لوحدي في أي مكان، وإذا عرفت بأني جالسٌ لوحدي.. أحسُّ بضيقٍ شديدٍ وأنَّ روحي سوف تخرج من جسمي.
ذهبت الى أطباءٍ نفسيين وكنتُ خائفاً من الحبوب المهدئة أنْ تدمرني أو أعيش طوال عمري وأنا أستخدمها من دون تحسن، فذهبت لمشايخ وسحرة وكل واحد قال لي إنَّ عندي مرضاً غير الأول، فمنهم من قال إني مسحورٌ ومنهم من قال إنَّ حالتي سببها القرين، وبعضهم قال إنَّي ممسوسٌ من الجان، وهذه الفكرة مسيطرة عليَّ الآن، مع أنهم لما قرأوا عليَّ الرقية الشرعيَّة لم أنصرع ولم أشعر بأي تغيير. حتى أني ذهبت الى أحد المشايخ قبل أيامٍ وقال لي إنَّه لا يوجد عندي مسٌّ ولا جانٌ ولكني عندي يقينٌ كبيرٌ أنَّ عندي مسَّاً بسبب وجود صداعٍ دائمٍ في رأسي. وإذا ذهبت لمكانٍ فيه جمعٌ من الناس مثل المجمعات التجاريَّة فإنَّي أحسُّ بدوخة وتعبٍ وخوفٍ يصاحبه
خفقان.
منذ بداية هذه الحالة وحياتي تغيرت وتدهورت حالتي النفسيَّة، لا أستطيع أنْ أصلّي بسهولة بسبب الأفكار. وصرت أتواعد مع أحد زملاء العمل بسبب الخوف الشديد فأنا لا أستطيع أنْ أقودَ السيارة بمفردي للذهاب الى أصحابي مع رغبتي بالخروج معهم.
والمشكلة يا دكتور إنَّني رجلٌ متزوجٌ وعندي أطفالٌ وأخشى عليهم من حالتي، فساعدني أرجوك.
أبو خلود – الرمادي
الأخ أبو خلود
تداولت بخصوص مشكلتك مع طبيب نفسي واتفقنا على تشخيص حالتك بأنك تعاني من الهلع، وهو نوعٌ من القلق يعملُ كنظام حماية للجسم، وليس خطراً، لكنَّ بعض الأشخاص يتصور أنَّه سيموت أو يصاب بسكتة قلبيَّة بسبب الهلع المصحوب بالخوف الشديد من الموت ومن أعراضه المزعجة: خفقان القلب، الرعشة، الشعور بالاختناق، فضلاً عن هروب المصاب من الأماكن المزدحمة أو التي يتوقع حدوث الهلع فيها، لاعتقاده أنها تقلل من هلعه، لكنها في الحقيقة تعزز الخوف منه وتؤدي الى استمراره.
وللهلع أسبابٌ متنوعة منها ما هو أمراضٌ عضويَّة مثل إفراط الغدة الدرقيَّة، وهبوط السكر، والإفراط في المنبهات: شاي، قهوة، أو مخدّرات، فضلاً عن الإجهاد النفسي والتعرض لصدمة مؤلمة.
وهنالك طريقتان لعلاج الهلع، إما بمضادات الاكتئاب وهي أدوية يحددها الطبيب المعالج، أو بالأسلوب المعرفي السلوكي، وهو علاجٌ قائمٌ على حوارٍ كلامي بين المريض والمعالج.
ونوضح لجنابك أنَّ الحالة التي تعرضت لها قبل سنوات أدت الى شعورٍ بالخوف والرعب، ارتبطَ لديكَ بالأعراض التي عانيتَ منها في ذلك الوقت، وتوّلد عندك خوفٌ من حدوث الحالة مرة أخرى جعلك متيقظاً وفي حالة انتظار، الأمر الذي زاد من تحسَّسك للأعراض الجسديَّة مثل الخفقان الذي قد يحدث لأسبابٍ بسيطة، ولكنْ تحسسك الزائد وتوقعك لحدوث حالة الهلع، يفسّر الخفقان على أنَّه بداية حالة الهلع فيكون سبباً للخوف يؤدي بالنتيجة الى حالة هلع جديدة.
العامل الآخر المهم هو تجنبك الأماكن المزدحمة، وقراءة آيات البعث والموت، وقيادة السيارة بمفردك، والجلوس وحدك، وصعوبة التركيز. ومع أنها تقلل من الهلع لديك لكنها تعمل على إدامة الحالة وتعميمها على مواقف وأماكن أخرى.
نقترحُ عليك مراجعة طبيبٍ نفسيٍ مختصٍ بطريقة (التعرض التدريجي) وهي تقنية تتدرب عليها لمدة أسبوعين؛ فإنْ وجدته في مدينة الرمادي فعليك بمراجعته وقل له إنك من طرفنا، أو أنْ تأتي الى بغداد، وحينها تواصل معنا، وما يكون خاطرك إلا طيب.