النيوراستينا..

منصة 2024/05/02
...

(النيوراستينا أو النيورستانيا) هو أحد الأمراض أو الاضطرابات النفسيَّة الشائعة، يشبه في بعض الوجوه حالات القلق النفسي، غير أنَّ فيه من الخصائص أو الأعراض ما يميزه عن حالات القلق ويجعله مرضاً قائماً بذاته.

وأهم أعراض هذا المرض، الشعور الدائم بالإجهاد الزائد، فترى المريض دائمَ الشكوى من التعب عن القيام بعملٍ ما، في حالة تلازمه من نهوضه من فراشه صباحاً الى عودته إليه مساءً، بل ولا يستطيع أنْ ينامَ نوماً هادئاً، ما يؤدي ذلك الى تضاعف شعوره بالتعب الجسدي، حتى ليظن أنَّ العلة تكمنُ في جسده لا في نفسه، فيشعر بالضيق والتبرّم، ويمتنع عن الاشتراك في أي عمل، ولا يستطيع حتى التفكير في موضوعٍ معين.

قديماً، كان الأطباء يرجعون هذا التعب أو الشعور بالإجهاد الى ضعفٍ في الخلايا العصبيَّة، غير أنَّ هذا التفسير لا يتفق مع الكشوف الحديثة سواء في الطب أو في علم النفس. فالدراسات الحديثة التي أجريت على مرضى النيوراستينا تؤكد عدم وجود أي عيبٍ عضويٍ في أعصابهم، إنَّما هو مرضٌ نفسيٌّ صرف.

يذكر فرويد حالة طريفة عن سيدة راجعته مصابة بهذا المرض لا تستطيع القيام بأي عملٍ في البيت حتى لو كان تافهاً لشعورها بالإجهاد، لكنَّها حين دعيت الى حفلة ساهرة راقصة تتطلبُ جهداً جسدياً كبيراً، فإنَّها رقصت معهم حتى نهاية الحفل.

ونرى أنَّ أفضل ترجمة عربيَّة لهذا المرض هو (الوهن العصبي) الذي يعاني المصاب به من الشعور المستمر بالإنهاك، والضعف الجسدي العام، والإعياء، والتعب المصحوب بأعراضٍ عضويَّة متنوعة ينتهي الى حد

الانهيار.

وحالة واقعيَّة أنَّ أحد الأشخاص راجعنا، وحين بدأ يتكلم عن حالته توقعنا أنَّه مصابٌ بالهستريا، لكنَّه حين استمرَّ يتحدث عن متاعبه اليوميَّة، وفهمنا من حديثه أنَّه لا يكاد يلقى قريباً أو بعيداً حتى يمطره بسيلٍ من الشكاوى عمَّا يلاقيه من آلام، وإطالته الحديث معنا، تأكد لنا أنه مصابٌ بالوهن العصبي.

وتسأل عن العلاج فنقول، أنْ يؤمنَ المصابُ بهذا الاضطراب أنَّ علاجه بيده هو قبل أنْ يكونَ بيد الطبيب أو الاستشاري النفسي، وذلك بأنْ يواجه مشكلته بصراحة، ويفهمها على حقيقتها، ويتجنب موقف الهرب من ذاته والبحث عن علاجٍ في عيادة طبيب أعصاب أو طبيبٍ نفسي.