سائحٌ أم مخرب؟

منصة 2024/05/07
...

 طهران: دريد زهير

تعدُّ الآثار التاريخيَّة والطبيعيَّة للدول، نياشين على صدر التاريخ تدعو السائحين والزوار للتمتع بالمناظر وتثير دهشة الناظر لبراعة الفنانين ومهارة أبناء تلك الحضارات، ويفسدُ هذه المتعة تجاوز المسافر حدود الانضباط وتخريب المناظر أو بقايا الأسلاف من المنحوتات والآثار البعيدة عن المتاحف.
تثيرُ بعض المناسبات الوطنيَّة في إيران قلق المسؤولين على سلامة الآثار ومن بينها الأربعاء الأخيرة من العام الفارسي أو أيام الاحتفاء بالمشاهير من الشعراء والعلماء أو الملوك.
كان آخرها رمي مسلة (كنج نامه) في محافظة همدان التي يعودُ تاريخها للفترة الإخمينية قبل ميلاد المسيح بالمفرقات يدويَّة الصنع وحرق جزءٍ من جسر (33 بُل) الذي يعدُّ الهويَّة الشاخصة لمحافظة أصفهان الغنية بالعجائب الفنيَّة والكنوز الآثاريّة.
انتشار هذه الظاهرة عالمياً استدعى وضع اصطلاح (Vandalism) لمثل هؤلاء المخربين، ودراسة مكنوناتهم وأسباب أفعالهم ضمن سايكولوجيّة الفرد.
وتشير الدراسات النفسيَّة والتربويَّة إلى أنَّ هذه الفوضى غالباً ما تكون لها جذورٌ اكتسابيَّة وتنشأ من ظروفٍ بيئيَّة محيطيَّة.
الفتية من صغار السن والشباب من الفئات العمريَّة العشيرينيَّة هم المتهمون الرئيسيون بهذا النوع من السلوكيات التخريبيَّة والوضع الاجتماعي في المدن مثل المستوى التعليمي والدخل الفردي، ووسائل الرفاهيَّة والمعيشة، الفقر الطبقي، الهجرة و... يرفع من مستويات حدوثها.
لهذه الجريمة مجموعة متشابكة من العوامل الثقافيَّة والاجتماعيَّة أيضاً؛ مثل البطالة، عدم ملء أوقات الفراغ، وعدم تفريغ العواطف النفسيَّة للشباب، وهي الأكثر أهميَّة.
دور الوسائل الإعلاميَّة والمراكز الثقافيَّة والتعليميَّة مثل الجامعات والمدارس و... في المجتمع له التأثير الكبير في قناعة الشباب ومنع حدوث ظاهرة تخريب الأموال العامة والآثار بشكلٍ فعالٍ جداً، ولا يخفى على المسؤولين أنَّ استخدام وسائل الإعلام و والتوعية ووضع قوانين صارمة أسهم في بناء ثقافة الحفاظ على الموروثات وتحقيق نتائج
مرغوبة.