نافع الناجي
بالرغم من صعوبة تحديد نسبة المدخنين في البلاد، لكن من السهل جداً معرفة أعداد الوفيات، فهناك ضحيّة كل ثلث ساعة حسب ما تقول منظمة الصحة العالمية، التي تؤكد أن نسبة المدخنين في العراق بارتفاعٍ مطرد، وهناك ما لا يقل عن ثمانية ملايين مدخن، نسبة عالية منهم من الشباب، يحرقون أكثر من علبة سجائر يومياً، بواقع (1200) سيجارة للفرد سنوياً.
حظر التدخين
يقترح المواطن تحسين كمال، قيام السلطات المعنية بوضع قيود كبيرة على توريد التبوغ والسجائر إلى البلاد، لتخفيف أو تقليص عدد المدخنين، ولا سيما الشباب منهم، ويقول "للأسف نشاهد أن اغلب الشباب يدخنون، من عمر 14 - 15 وصعودا وهذا شيء خطير للغاية"، ويضيف "سبق للحكومة أن أصدرت قانوناً لحظر التدخين في الأماكن العامة والوزارات والدوائر الحكومية، في محاولة لمنع استمرار تفاقم هذه الظاهرة، وبرأيي يمكنها فرض المزيد من القيود على تجار ومستوردي السجائر كرفع التعرفة الجمركية، وتحديد سن معين للمدخنين عبر إلزام المتاجر برؤية هوية الشاب وأن لا يقل عمره عن 21 سنة مثلاً كي يتمكن من شراء السجائر".
(أراجيل) وسجائر إلكترونية
برغم كل الإجراءات المتّبعة، فإن تجارة التبوغ والسجائر تنتعش في الأسواق العراقية، مدعومة بنفوذ (مافيات) تديرها وتسهّل عمليات تهريبها عبر المنافذ الحدودية، لتدرّ عليها ملايين الدولارات خاصة بعد مضاعفة الضرائب المفروضة عليها والتي لم يتحملها سوى المدخنين أنفسهم، ويقول الناشط المدني حيدر الربيعي "التدخين مسموح في العراق أينما كنت وحيثما شئت، هكذا هو الحال وربع شعب العراق في عداد المدخنين، ما ينذر بكارثةٍ صحيةٍ وشيكة تهدد
البلاد".
ويضيف الربيعي "لم تعد السجائر التقليدية هي المشكلة الكبرى، إزاء تفشي الأرجيلة بكل مكان وللنساء والرجال، وحالياً الخطر الداهم ما يسمى بالسجائر الالكترونية أو (الفيب) وهذه خطرها أشد صحياً وبيئياً ولا سيما على شريحة الشباب".
مراقبة الموانئ
شكا مواطنون من أن موانئ محافظة البصرة يملؤها التبغ مغشوش والمجهول المنشأ، وسط دعوات لتشديد الرقابة على الموانئ، فغياب الرقابة على التبوغ بمختلف أنواعها، ضاعف من خطورتها على المدخنين، خاصة في ظل استيراد أنواع غير معلومة المصدر، يدخل معظمها البلاد عبر الموانئ ويحذر مراقبون من عدم خضوعها للسيطرة النوعية.
المواطن حميد البصري يقول "غياب الرقابة اليوم أعطى لكل من هبّ ودبّ، ان يوجه ويسلط منتجاته مثل السيف المسموم على العراق بشكلٍ عام"، وزاد "أصبح المرض مرضين على المواطن العراقي، مرض التدخين ومرض مجهولية المصدر لغاية هذه اللحظة، مما ينذر بمشكلات صحية خطيرة على شبابنا ومجتمعنا".
ويقترح البصري تفعيل الأجهزة الرقابية كجهاز التقييس والسيطرة النوعية وغيرها، ويقول "على الحكومة والجهات المعنية ان تكثّف مصادرها، وان تكون هناك سيطرة نوعية على كل المنتجات الداخلة للبلاد، وهي شبه غائبة للأسف الشديد".
مطالبات بمنتجات عالية الجودة
من جهتهم، طالب مواطنون الجهات المعنية بإلزام الموردين باستيراد تبوغ من مناشئ عالمية، وتطبيق الشروط الصحية في طريقة نقلها وتفريغها في موانئ البصرة.
يقول التاجر عبد الرحيم جودة "كانت السجائر في الستينات والسبعينات ولغاية الثمانينيات، تصلنا بشكل نظامي وخاضعة للرقابة وخالية من الشوائب ومن مناشيء رصينة، أما الآن فالسجائر تصلنا من كل الدول، ويقال ان بعضها يصنّع ويقلّد في سفن بعرض البحر، ولا نعرف انها مستوردة من أي بلد ولذلك فهي مكدسة بالحاويات في الموانئ، ورائحتها العفنة تقتل الشباب".
وتعلن السلطات المختصة بين الحين والآخر، ضبطها لشحنات من التبوغ غير المطابقة للمواصفات القياسية، فيما يمرر بعضها بطريقة التهريب بعيدا عن أعين الرقابة ولا سيما من المنافذ غير الرسمية.
ارتفاع الأسعار
حسان خيري، محاسب يعمل في إحدى شركات السجائر المستوردة، أرجع سبب ارتفاع أسعار السجائر في السوق المحلية، إلى "تقاعس كبار التجار عن استخدام المنصة الإلكترونية للبنك المركزي وعدم تسجيل طلبات الاستيراد عليها بغية الحصول على الدولار المدعوم"، مضيفاً "يلجأ كثير من تجار السجائر إلى تمويل مشترياتهم من الدولار من السوق الموازية، التي شهدت ارتفاعاً جنونياً في سعر الصرف الأمر الذي انسحب على أسعار السجائر في السوق المحلية".
ويقول المصرفي مهدي صادق "استيراد البضائع التي تموّل من قبل البنك المركزي بالعملة الصعبة يعتمد على تلبية متطلبات معينة، وهناك تراخٍ في تنفيذ بعض القوانين من قبل الجهات المختصة"، مضيفاً "البضائع المستوردة يفترض ان تسجل في دائرة الجمارك ودفع الضرائب لتسديدها كاستحقاقات للدولة، والخلل هنا إن التاجر
المستورد للسجائر مثلاً يثبت طلبه كمستورد لمعجون طماطم، بسبب تدني كلفة ضريبة هذه المادة عن غيرها، وكما أسلفت توجد رخاوة في تنفيذ القوانين وعدم المتابعة".