البدانة ليست نوعاً واحداً، ففي بعض الناس يكون الامتلاء في منطقة الصدر والأرداف كما يحدث للسيدات تحديداً، وهذا هو النوع الأول الذي يعرفُ بالنوع النسائي للسمنة. أما في النوع الثاني، فإنَّ الدهون تتركز بمنطقة البطن يبرز فيها (الكرش) بشكله المعروف ويأخذ الجسم شكل علامة الاستفهام (؟). ويحدث هذا النوع أكثر في الرجال وهو الأسوأ، ليس فقط من حيث المظهر ولكنْ لأنه يؤدي في كثيرٍ من الحالات الى أمراضٍ ومضاعفات أزعجها ارتفاع ضغط الدم.
الامتناع عن الطعام.. حالة نفسيَّة
ومن الرشاقة ما قتل. وهذه مشكلة أخطر تتعلق بوزن الجسم فإذا كانت البدانة أو السمنة هي مصدر إزعاجٍ لكثيرٍ من الناس من كلا الجنسين، فإنَّ النحافة الزائدة تمثلُ الجانبَ الأخطر من المشكلة. فبينما يسعى بعض الناس الى الرشاقة للتخلص من الوزن الزائد، يسعى البعض الىخر بالهمة ذاتها للعلاج من النحافة التي تسبب لهم الإزعاج، ولكنْ بطريقة مرضية غريبة نطلق عليها (مرض فقدان الشهيَّة العصبي).
والمفارقة أنَّ هذه الحالة النفسيَّة الغريبة شائعة الى حدٍ كبيرٍ في فئات المجتمع العليا، وتحدث في الفتيات بين سن 15 - 20 عاماً، موثقة بتقارير علميَّة تشير الى أنَّها تصيب 20 % من طالبات المدارس الراقية، أي بمعدل اثنتين من كل عشر طالبات. والخطر فيها أنَّ الفتاة تمتنعُ عن الطعام بشكلٍ تام، والأغرب أنَّها إذا أرْغِمَتْ على تناوله بضغطٍ من الأهل فإنها تتقيأ كل ما يصل الى معدتها. والأغرب ثانية أنَّ بعضهنَّ يكرهنَ الطعام ويمتنعنَ عنه نهائياً فيأخذ الوزن في النقصان الى حالة من الهزال الشديد والنحافة الزائدة (وتصير جلد على عظم).
أسبابٌ نفسيَّة.. للموت جوعاً
تختار هؤلاء الفتيات من الأسر الثريَّة هذا السلوك نتيجة لعوامل نفسيَّة داخليَّة تدفعهن الى الامتناع عن الطعام وفقدان الشهيَّة كلياً، وكراهيَّة الأكل الى درجة الموت جوعاً؛ والسبب النفسي وراء هذه الحالات التي تبدأ عادة في فترة البلوغ للفتاة، هو التصور الوهمي لدى هؤلاء الفتيات بأنَّ وزنهنَّ سيأخذ بالزيادة مع البلوغ حين ترى في المرآة بروز صدرها للمرة الأولى ويتغير شكل جسمها مصحوباً بالكثير من المخاوف الوهميَّة من البدانة التي تدفعها الى أنْ تعملَ على أنْ تظلَّ صورة جسدها رشيقة، ليس بالتقليل من تناول الطعام بل بالامتناع عنه بصورة
مرضيَّة.
والمزعج أيضاً أنَّ حالة فقدان الشهيَّة العصبي هذه تكون لدى الفتيات المصابات بها مصحوبة باضطراب القلق وانقطاع الدورة الشهريَّة، والحساسيَّة المفرطة، والضمير الحي، وروح العمل والإنجاز. ومع أنَّ البداية هي رغبة الفتاة في إنقاص وزنها عن طريق (الرجيم) بقصد الرشاقة، لكنها تتطور الى الامتناع كلياً عن الطعام، فتكون الرشاقة قاتلها.