موقف شجاع ومسؤول

آراء 2019/06/02
...

محمد شريف أبو ميسم
 

اعتراض العراق على البيان الختامي للقمة العربية الطارئة التي انعقدت الخميس في مكة المكرمة، بعث بأكثر من رسالة سياسية على المستويين “الدولي والاقليمي”.
اذ ان شجاعة الاعتراض المبنية على مسؤولية الموقف ازاء حرب محتملة قد تلحق المزيد من الضرر على الواقع العراقي، لم تقف حيالها المجاملة الدبلوماسية عائقا بعد ان انسحب الشيخ الصميدعي من لجنة كتابة البيان الختامي حيث وصف البيان بانه، “تحشيد واثارة للطائفية ويحث على التفرقة والتحشيد..”. فجاء موقف العراق ممثلا بالبيان الذي قرأه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط “أن العراق يعيد التأكيد على استنكاره لأي عمل من شأنه استهداف أمن المملكة وأمن أشقائنا في الخليج، ونود التوضيح على أننا لم نشارك في صياغة البيان الختامي وأن العراق يسجل اعتراضه على البيان في صياغته الحالية”.
وهنا يسجل العراق موقفه الرافض للتصعيد باتجاه الحرب التي يمكن أن تتحول الى حرب شاملة في المنطقة كما أكد ذلك رئيس الحمهورية “برهم صالح” خلال كلمته في المؤتمر، محذرا من تداعيات هذا التحول المتوقع اذا لم تحسن الأطراف ادارة الأزمة. وهو خطاب مغاير تماما لنمط اللهجة التي جاء بها البيان الختامي للمؤتمر والاجماع التقليدي للزعماء العرب، الأمر الذي يؤشر لمتغير في مسارات القرار العراقي في الساحة العربية التي تشهد تبعية في المواقف لصالح القوى العربية النافذة أقليميا. 
وهذا المتغير يعلن وبشكل غير مباشر عن ولادة عراق جديد قادر على صنع قراره وفق رؤيته الخاصة على الرغم من انفتاحه على الآخرين حيث تشهد علاقات العراق مع المملكة العربية السعودية تحديدا، أجواء غير مسبوقة من التقارب، وبالتالي فان الرسالة التي بعث بها الاعتراض العراقي، تبشر باستقلالية الرؤية العراقية عن مسارات التبعية، وتنذر للآخرين الاقليميين باحتمالات فشل سياسات الاحتواء السياسي والاقتصادي التي بدأت ملامحها بالظهور على الساحة العراقية بعد سنوات طويلة من الارهاب والتدخل بشؤون العراق الداخلية بهدف جر العراق الى سياسات المحاور الاقليمية.
من جانب آخر فان الموقع الجيوسياسي للعراق يؤهله دوما ليكون رقما صعبا في أطراف المعادلات السياسية في المنطقة والعالم، وتداعيات وقوع الحرب ستنسحب على عموم العالم اقتصاديا وأمنيا، اذ تكفي الاشارة الى تداعيات آثار الحرب على أسعار النفط العالمية. الأمر الذي سينسحب على عموم اقتصاديات الدول الصناعية المستهلكة للنفط وعلى اقتصاديات الدول الفقيرة التي ستدفع ضريبة ارتفاع أسعار السلع بأنواعها جراء ارتفاع أسعار النفط، وبالتالي فان الاعتراض مثل دعوة بالنيابة عن عموم دول العالم، للسلام.