المخدرات أكبر المخاطر التي تفتك بالعراق

آراء 2024/05/12
...

 القاضي عبدالستار رمضان


ميدان ورقم جديد يدخله العراق، يتقدم فيه على الكثير من دول الجوار والعالم، ويحتل المرتبة الـ 32 من بين الدول التي تنتشر فيها المخدرات، وهي مرتبة متقدمة ومؤسفة، لكنها حقيقة وقد تتفاقم وتزداد، حسب تصريحات مسؤول حكومي في الفريق الوطني لمكافحة المخدرات التابع لاستشارية الأمن الوطني العراقي.

المخدرات التي لم يعرفها جيلنا بل واجيال كثيرة من العراقيين حتى عام2003، تحولت إلى خبر يومي معتاد في وسائل الاعلام، عن القاء القبض على تجار أو تفكيك عصابة أو غيرها من الاخبار اليومية التي تبين حجم وانتشار هذه الآفة والتي تحولت إلى أكبر خطر يواجه العراقيين، بل هي اذا صح التعبير هي أم المخاطر والمهالك التي تمثل الباب والمدخل لكل الجرائم والمخاطر والازمات التي تعصف بالحياة.

العراق الذي كان يصنف بأنه من البلدان الخالية أو النظيفة من المخدرات، والتي لم نكن نعرفها أو نشاهدها الا من خلال الافلام والمسلسلات تحولت إلى واقع نعيشه في العراق الجديد، كما أن الامر الخطير هو تحول  العراق، بسبب موقعه الجغرافي وضعف الدولة وانتشار مراكز قوى تملك السلطة والسلاح والنفوذ وهي خارج اطار الدولة، لكنها في بعض المناطق والمواقع أكبر حتى من الدولة، وهي تمارس الفساد والافساد والتهريب والارهاب والقتل والغاء الخصوم، وهي تحتاج إلى أموال وتمويل لبسط سيطرتها وفرض نفوذها، وهذا لا يتحقق الا عن طريق المخدرات، والذي حوّل العراق خلال السنوات القليلة الماضية من بلد مرور أو عبور للمخدرات إلى مستهلك ومركز تهريب وتصدير واستيراد بل وحتى زراعة وإنتاج بعض أصنافها.


الواقع المفروض

وعلى الرغم من الاحصائيات والارقام التي تنشرها مختلف الجهات عن المخدرات في العراق وصدور الأحكام القضائية على التجار والمتعاطين واعلانها في نجاحهم في السيطرة على طرق التهريب والتجارة فيها، فان انتشار الكثير من الجرائم المُروعة والبشعة وتغول الفساد وتحوله إلى ما يشبه الواقع المفروض والمعاش في مختلف جوانب الحياة، بل وانتشار الارهاب وقدرته على المناورة والانتقال بين اكثر من مكان وموقع يعود في الدرجة الاساس والرئيسي إلى تشابك المصالح والتخادم في الاداء والنشاط بين مختلف العصابات، والجهات ومراكز السلطة والقرار والوصول إلى نتيجة واحدة وهي ان يربح ويستفيد الجميع على حساب تدمير الوطن والانسان.

ان دخول فئات واصناف من المتعاطين مثل النساء والطلبة بل وبعض منتسبي القوى الامنية والجيش، وهو مؤشر خطير على توسع وانتشار هذا الوباء والذي تبدو جهود الحكومة بسيطة وخجولة، حيث نحتاج إلى حملة وطنية مستمرة ومكثفة للتوعية تساهم فيها المنظمات والقوى المؤثرة في المجتمع والمؤسسات الدينية والاجتماعية من اجل بيان اخطارها وطرق الوقاية منها وآثارها، والتمييز بين المتعاطي الذي هو مريض يحتاج إلى علاج والمروج والتاجر الذي يحتاج إلى بتر وتنفيذ العقوبات التي يقررها القضاء باعدام التجار بشكل علني بما يخلق الردع لدى الآخرين.