رعاية ذوي الهمم

آراء 2024/05/13
...

عباس الصباغ

 اختزل المنطق الإلهي طرائق التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يطلق عليهم تلطفا ومراعاةً للجانب الإنساني من المخاطبة بـ (ذوي الهمم ) كقوله تعالى( ليس عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ)، فعدم الحرج هو جوهر المداراة واللطف والعناية الإنسانية والمجتمعية والأسرية، وهو خطاب للجميع المعنيين بالأمر سواء كانوا أشخاصا أو مجتمعا أو دولة أو مؤسسات، ومن اهم مقاربات العقد الاجتماعي التعامل الإنساني والاجتماعي والأخلاقي معهم، وهم الذين يصادف اليوم الثالث من كانون الأول من كل عام يوما خاصا بهم وهو اليوم العالمي للعناية بذوي الهمم ( اصحاب الاحتياجات الخاصة وليس الاعاقات)، وليس من الإنصاف والتمدن الاستمرار بإطلاق توصيف ذوي الاحتياجات الخاصة عليهم، بل الاستعاضة عن ذلك بتوصيف أكثر تحضرا وإنسانية لشريحة مهمة من شرائح المجتمع، شاءت المقادير ان تكون ذات إعاقة معينة (بصرية، سمعية، حركية، عقلية، سلوكية ) ويجب عدم تمييزهم عن بقية أفراد المجتمع، ووصمهم بإعاقتهم أو تعييرهم بها فهم أحوج الناس إلى الدمج المجتمعي
والأسري.
 وبسبب تعرض الشعب العراقي إلى الحروب العبثية والتي سببها النظام الصدامي المباد والى الاعتقالات التعسفية في السجون الرهيبة والى أعمال الإرهاب المنهج من تفجيرات وقتل على الهوية والى دمار داعش وإرهابه المستطير، فقد تعرض الكثيرون من العراقيين ومن جميع الاعمار إلى الإعاقة بكل أشكالها، واصبحوا من ذوي الههم، لذا فان مصطلح الاحتياجات الخاصة الذي يرادف العوق أصبح عبارة شاملة لجميع أشكال الإعاقة ومجموعة متنوعة من التشخيصات، التي تتعلق بالتحرك والسلوك والنطق والسمع والنظر....الخ وهي غير مناسبة للموضوع، اذ يعرف الشخص من ذوي الهمم بأنه الشخص الذي يعاني من نقص مؤقت أو دائم، كامل أو جزئي أو ضعف في قدراته الجسدية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية إلى الحد الذي يحدّ من قدرته على أداء المتطلبات الحياتية العادية على غرار الناس الأسوياء الاعتياديين، وفقاً للإحصاءات الصادرة عن الأمم المتحدة، فأن نسبة ذوي الهمم عالميا وصلت إلى قرابة 10% - 15% وهي النسبة المشمولة بالرعاية التامة (والخاصة).
 وانطلاقا من التسمية باستبدال تسميتهم من ذوي الاعاقة إلى ذوي الهمم، احتراما لإنسانيتهم من الانتهاك، فيكون ذوو الهمم هو الاسم العلمي والمتحضر لذوي الاعاقة أو ذوي الاحتياجات الخاصة (مجازا)، ومن لديهم اعاقات جسدية، أو عاطفية، أو سلوكية، أو إدراكية، هذه الصعوبات تتطلب خدمات اضافية أو رعاية متخصصة.
بموجب قانون رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة المرقم( 38) لعام 2013، تم تعريف الاعاقة (بأنّها أي تقييد أو انعدام لقدرة الشخص بسبب عجز، أو خلل بصورة مباشرة على أداء التفاعلات مع محيطه في حدود المدى، الذي يعد فيه الإنسان طبيعيًّا، أي كل من فقد القدرة كليًّا أو جزئيًّا على المشاركة في حياة المجتمع أسوةً بالآخرين، نتيجة إصابته بعاهة بدنيَّة أو ذهنيَّة أو حسيَّة، أدى إلى قصور في أدائه الوظيفي) وبموجب هذا القانون (يجب أن يحصلوا على الرعاية العامة وهي الخدمات الشاملة التي تقدّم لذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة بهدف ضمان حقوقهم، فضلًا عن الحصول على التأهيل وهي عملية منسقة لتوظيف الخدمات الطبيَّة والاجتماعيَّة والنفسيَّة والتربويَّة والمهنيَّة)، ناهيك عن القضاء على التمييز بسبب الإعاقة أو الاحتياج الخاص و تهيئة مستلزمات دمجهم في المجتمع، وتأمين الحياة الكريمة لهم واحترام عجزهم، مع السعي إلى إيجاد فرص عمل لهم في دوائر الدولة والقطاع العام والمختلط والخاص، وصولاً إلى الاندماج الكامل لهم بالمجتمع وهذا من ابسط حقوقهم المترتبة بحسب مقتضيات العقد الاجتماعي والأعراف الإنسانية والمجتمعية والأسرية وهي الأهم.