مسؤوليَّة المواطن عن التعافي من اضطرابات مجتمعه

آراء 2024/05/15
...

سعد العبيدي

مر العراق بأزمات متتالية سبقت عام التحول، والتغيير (2003)، تركت آثاراً سلبية واضحة على الاستقرار المجتمعي والنماء، يمكن تلمس وجودها في سعة الفساد، وانتشار الجريمة، وكثر السلاح المنفلت، وانخفاض مستوى الإنتاج، وتدني حدود الرضا، واتساع مشاعر العدوان، وغيرها معالم سلوك مضطرب حال دون إعادة بناء العراق من جديد، عراقاً صالحاً للعيش والتفاعل إيجابياً بين جميع المكونات... سلوك بحاجة إلى التقويم واضطراب يتطلب العلاج (التعافي) خطوة هي الأولى نحو البناء الصحيح والتغيير المنشود.
لكن التعافي عملية وإن تأسست على جهد الحكومة، لا يكتب لها النجاح إذا لم يتوفر التفاعل التبادلي بينها الراعي الأعلى، وبين الرعية من المواطنين، إذ تلعب المواطنة النشطة دوراً رئيسياً في تحقيق الاستقرار والتطور الاقتصادي والاجتماعي والأمني من خلال الالتزام بالمشاركة الجادة والنزيهة في العملية الديمقراطية، وتعزيز سلطة الدولة الضابطة، والابتعاد الذاتي عن حدود الفساد، كذلك من خلال توفير الأجواء المناسبة للاستثمار، والالتزام بالقانون، والوقوف ضد السلوك العشائري النفعي، وضد الجريمة المنظمة، بما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة تسهم في تقليل مستويات البطالة والفقر آفات اجتماعية فتاكة، كما لا يمكن إغفال دور التعليم في عملية التعافي، باعتباره الأساس في تطوير المهارات، والتمكين في بناء المستقبل الأحسن، وبهذا الصدد يمكن للعراق وأهله، الاستفادة من تجارب شعوب نجحت بامتياز في التعافي من اضطرابات، وأزمات مشابهة مثل جنوب أفريقيا التي شارك مواطنوها بشكل فعال في عملية الانتقال من نظام الفصل العنصري، والتمييز، والاضطهاد، والفوضى إلى دولة ديمقراطية رائدة، يشارك الجميع في أعمال إدارتها
وتنميتها.
وبالمحصلة يقتضي القول إن على المواطنين العراقيين تحمل المسؤولية، والسعي جاهدين للمشاركة في تحقيق التعافي من اضطرابات مجتمعهم، وتنمية قدراتهم، والمجال من أمامهم مفتوحاً بانتخاب الأصلح، واحترام الآخر، والابتعاد عن التواجد من طرف في الفساد وتجاوز حدود الجهل خطوات هي الأساس في عملية البناء الصحيح لمستقبل أفضل.