سامر المشعل
الغناء يمر بعدة مراحل تبدأ من النص الشعري ثم يضعه الملحن في اطار “ميلودي “ البناء اللحني ومن ثمة يتحول الى الموزع الموسيقي، الذي يضع بصمته عليه من خلال التنويع الآلاتي وبعض الزخارف “ الكوردات” والمرحلة الاخيرة التي تظهر فيها الاغنية للوجود هو المطرب.
فالاغنية تعكس ذوق وثقافة وخبرة المطرب ولكل مطرب رسالة وهدف من الفن. واريد ان اركز على جانب من جوانب شخصية المطرب وهو الزي الذي يرتديه ونوع الملابس التي يطل بها على الجمهور.
المطرب على مر الاجيال والعصور يحب أن يظهر بأجمل ما يكون امام الجمهور او من خلال شاشة التلفزيون، لكن مطربي الجيل القديم كان لهم ذوقهم ومهابتهم وارتداءاتهم تعبر عن شخصيتهم، مثلا ام كلثوم ظلت صورتها مرتسمة في اذهان الناس من خلال فستانها الطويل والمنديل الذي يلازمها في حفلاتها وتسريحة شعرها المسحوب للوراء، حتى اصبحت ام كلثوم ايقونة في زيها في العالم العربي. ليس هذا وحسب، انما كانت تقيم حفلاتها في دار الاوبرا والجمهور الذي يحضر حفلاتها يشترط عليه ان يرتدي بدلة رسمية.
السيدة فيروز ايضا كان لها زي مميز وهو الفستان الطويل المحتشم وتقدم حفلاتها على مسرح يضم فرقة موسيقية متكاملة اقرب الى الاوركسترا مع “ كورس” عبارة عن فرقة انشاد.. والشيء الذي تتفرد به فيروز عن غيرها، انها ترتدي في الحفلة الواحدة اكثر من فستان تغيره بين الفواصل الغنائية، وهذا دليل على حرص السيدة فيروز على اناقتها واهتمامها بمظهرها امام الجمهور.
وهذا الكلام ينسحب على أغلب مطربي الجيل القديم في ارتداء المطرب بدلة رسمية وبكامل قيافته واناقته ابتداء من المطرب محمد القبانجي وناظم الغزالي وعبد الحليم حافظ وفريد الاطرش وصباح فخري ومرورا بجيل سعدون جابر .. الخ.
اما مطربو الجيل الجديد الذين يقدمون الاغنية الحديثة، فان الصورة مختلفة تماما، فلا يتوانى المطرب عن ارتداء بنطال كابوي ممزق مشدود على جسمه مهدد بالفتق لاية حركة مفاجئة، والوان وازياء عادة ما تثير سخرية المشاهدين، وقصات شعر وموديل يكاد يكون موحدا بين جميع المطربين كونهم مقلدين بارعين لكل صرعة وموضة تفدهم بشكل اعمى من دون تمحيص، فمرة يظهر المطربون بحاجب مطبور، ومرة بتسريحة شعر “ عرف الديج “ ومرة تطول اللحى وبعد حين تختفي .. الخ.
فزي المطرب ومظهره يعكسان جانباً من جوانب شخصيته، ويبدو أن هناك علاقة وطيدة بين زي المطرب وشخصيته وما يقدمه من غناء، فالجيل القديم ملبسه يضفي الهيبة والاحترام على غنائه والجيل الجديد يثير السخرية والاستهزاء مع استثناءات بين الجيلين.