« الصباح » توقد شمعتها الـ22 وسط تألق نجاحها المهني

ريبورتاج 2024/05/16
...

 بغداد: رشا عباس 

 تصوير نهاد العزاوي

تسرح التأملات الى تاريخ يجمعنا مع الحبيبة “الصباح” منذ الولادة في  17 أيار 2003 الى الآن 17 أيار 2024 فيكبر الحب ويتألق ولا يجد اللغة، التي تعبِّر عن مكنون طيف المشاعر، شريط من الذكريات ووجوه الزملاء ومحطات من الفرح والتألق والقلق والبحث المستمر، لكل ما يرصن هذه التجربة ويزيدها توهجًا وإبداعا، وعلائق حميمة بالقارئ، الذي يحترم خطابها المعتدل ويحظى بتقديرها.وفي غمرة إحتفالنا قال رئيس التحرير أحمد عبد الحسين: الصباح منذ تأسيسها كانت متجددة على الدوام، فهناك صفحات استحدثت بحسب مؤشرات توجهات القرّاء، وقد عمل رؤساء التحرير قبلي على ذلك أيضاً، فمن الواجب استذكار جهودهم بهذا الصدد،

مضيفاً: جزءٌ من نجاح الصحفي يتمثل في قدرته على قراءة توجهات الناس واحتياجاتهم، فعلى سبيل المثال كان هناك منذ فترة ليست بالبعيدة توجّه لدى القراء للإطلاع على كل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، ولهذا عمدنا إلى جعل صفحة “علوم” تتناول هذا الموضوع يومياً تقريباً. وبالمقابل توجهات تحتمها طبيعة التطورات الحاصلة في التواصل الاجتماعي، فنظراً لأننا صحيفة ورقية في الأساس لن يكون بمقدورنا منافسة الوكالات الخبرية الإلكترونية في سرعة إيصال الخبر، ولهذا سيكون التركيز تلقائياً على صفحات الرأي والتحقيقات والتقارير الخبرية. وتابع عبد الحسين: خلال فترة رئاستي لـ”الصباح” حاولت أيضاً زيادة مساحة المادة المترجمة في كل أبواب الجريدة، ونظراً لافتقار الساحة الثقافية العراقية لمطبوع ثقافي دوري متخصص، رأيت من المناسب إعادة الملحق الثقافي الأسبوعي، وقد لقي نجاحاً ليس في العراق وحسب، بل أن كثيراً من المثقفين العرب يتابعونه، فضلا عن أن الصفحات الثقافية وما يدور في فلكها من صفحات كمنصة ومكتبة أثبتت أهميتها ونجاحها، لافتاً: نظراً لوجود جاليات عراقية في كل بقاع العالم آثرنا أن تكون هناك صفحة مخصصة للجاليات، وهي ناجحة حتى الآن، وتستقطب كتّابنا الذين يعيشون خارج الوطن، لعلَّ أبرز ما تمكنت من تحقيقه خلال تسنمي رئاسة التحرير، هو جعل الموقع الإلكتروني للجريدة لائقاً بمكانتها، بعد أن كان شبه ميت، ونظرة سريعة على الموقع يدرك المتابع أنه تطور تطوراً كبيراً، بالإضافة إلى التطبيقات الإلكتروني،ة التي وصل عدد متابعيها إلى الملايين، لا سيما تطبيق التلغرام، التي تحتل الصباح المرتبة الأولى فيه عراقياً بجهود الزملاء القائمين عليه، متمنيا في ختام تصريحه العودة إلى الملاحق التي كنا نصدرها سابقاً، وإعادة مشروع “كتاب الصباح”. كل عام والصباح وأهل الصباح بألف خير.


واجبٌ ورسالة

أشار مدير التحرير نزار عبد الستار إلى أن: الصحافة متعة خاصة، أنها تتحول مع الزمن إلى اسلوب حياة هو جهد محبب يتجلى صباحا، حين نتصفح الجريدة، وهي بشكلها الورقي الجميل، مبيناً: هذا الجهد له صلة وثيقة بكمية الأحلام التي نختزنها، وبالتطلعات التي نحشو بها قلوبنا، سعيا للحقيقة والتوعية وضمانا لغد أفضل، مضيفًا العمل الليلي دائما ما يأخذ طابع الألفة، لأن دقائقه تكون مشحونة بالاتكاء على أرهف المشاعر، في جريدة “الصباح” نقضي طول ساعات يومنا، وهذا يعطيها صفة البيت أنه عشق يستمد المطاولة من الإصرار وتحمل مسؤوليات الأمانة المهنية، فالجريدة بالنسبة لنا نحن الذين نبقى فيها لساعات طويلة حياة وواجب ورسالة.


تحديات صحيَّة

وبيَّن سكرتير التحرير وسام مريدي، حجم الصعوبات والتحديات، التي واجهت أسرة تحرير “الصباح” خلال فترة انتشار فيروس (كوفيد - 19) منها ما يتعلق بالتنقل خلال فترات فرض حظر التجوال الإجباري، الذي أقرته الحكومة للحفاظ على أرواح الناس، إذ استحصلنا موافقات أمنية معدودة من عمليات بغداد، تسمح لنا بالتجوال بسياراتنا الخاصة للوصول الى مؤسسات الدولة كافة، واستحصال المعلومة لنشرها، فضلا عن تحديات صحية، إذ لم يكن يسمح حينها بالتقارب بين الموظفين إلا لمسافات معلومة، مؤكداً: هناك تحديات لوجستية تخص عملية إكمال الجريدة وطبعها وإيصالها إلى الموزع ودوائر الدولة، إذ كنا نبقى في الجريدة لمدة خمسة ايام متتالية، نعمل ليل نهار، تجنبا للاحتكاك بالمصابين بفيروس كورونا وحماية لأسرنا.


 أيد عاملة 

تابع مدير مديرية مطابع شبكة الاعلام العراقي محمود جاسب خضير: نهنئ أنفسنا أولًا وإدارة الصباح والعاملين فيها كافة بالذكرى السنوية لتأسيسها، موضحاً: أن صحيفة “الصباح” كانت تصدر بشقِّ الأنفس، وفي ظروف أمنية صعبة، لاسيما في السنوات الذي مر بها البلد 2006 و2007، كان تواجدنا مع المحررين لساعات متأخرة، ماهو الا تحدٍ لمواصلة مشوارنا وإيصال صحيفتنا الى المؤسسات والمتابعين.  وعبر خضير عن سعادته: في الآونة الأخيرة أسهمت مديرية مطابع الشبكة على تشغيل الأيدي العاملة والقضاء على البطالة، من خلال مطابعها ومكائنها، التي بدات تضاهي ما موجود في البلدان الأوروبية، لتنفيذ عقود كبيرة، من ضمنها تلبي احتياجات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ووزارة التربية، التي كانت تطبع خارج البلد، فضلا عن مطبوعات ثقافيَّة أخرى طبعت ووزعت، تمثل واجهةً للعراق وحضارته.


نكهة التحدي

وواصل رئيس إتحاد الأدباء علي حسن الفواز.. رئيس التحرير السابق: للعمل طعمًا يشبه التحدي دائما، فهو يُحفّز على المغامرة، ويفتح أفقا لتأكيد شغف الإنسان، فلم أتخيل أن هناك بطولةً خارج العمل، وحين تكون صلة هذا العمل بأحلامي القديمة، فقد ازداد حرصي على استدعاء كل مثيولوجيات البطولة، لكن ما جعلني أعيش واقعا فيه الكثير من المفارقة، وبعد مدة وجيزة من استلام عملي كرئيس تحرير جريدة “الصباح” الرسمية أن أواجه تحديا كبيرا وغير مألوف، وأن أجد ظروفا صعبة تُلقي عليّ أعباء لم تكن بالحسبان، فحدث مرعب، ولا ذاكرة له مثل جائحة كورونا جعل العالم صاخبا وعاريا، وأصابه بنوع من العطالة، التي فقد فيها حميميته، جعلني أيضا أعيش هذه المواجهة، موضحاً: يحرص العاملون في إدارة التحرير والسكرتاريا، وفي القسم الفني وحتى في المطبعة أعطي للعمل روح التحدي فعلا، وهو ما جعلنا نصرُّ على النجاح والتواصل، وعلى الحضور إلى الجريدة يوميا، حتى في أيام الجمع والعطلات، رغم كل الموانع، لإيماننا بأن التحدي هو رهان على قوة الإرادة وعلى تقاليد العمل، التي تواصلها الجريدة الآن بإدارة الصديق أحمد عبد الحسين وفريقه الفني والتحريري، وتحمل مسؤولية إدامة زخم النجاح.


اختصار خطوات

خالد خضير مصمم في القسم الفني قدم في بداية حديثه تهنئة للزملاء في الجريدة، بعيد تأسيسها، وتمنى لهم مواصلة العطاء والتقدم، مستذكرا عمله في أيام كورونا واضطرار الجميع للعمل عبر الانترنت، كانت أيامًا مريرة في وقتها بين خوفنا من الوباء الغامض (في وقتها)، وقضاء أعمالنا الخاصة ومتطلبات أسرنا، مبيناً: عملنا في الجريدة، أصبح يشغل كل نهارنا ويمتد لما بعد منتصف الليل من خلال مجاميع (كروبات) تم تكوينها خصيصا لهذا الغرض، وبرغم الصعوبات والمعاناة، لكنها كانت فرصة للتواصل الدائم بين جميع العاملين ومعرفة أخبارهم، من خلال مواصلة وكان لذلك فائدة ظهرت بعد انتهاء أيام الوباء، وعودة الدوام في الجريدة، وهي اعتمادنا على اسلوب المجاميع في العمل، والذي اختصر لنا خطوات عدة.


السينمائيون لا يكتئبون

أشار مسؤول صفحة سينما علي حمود الحسن، الى أن: الأحداث العصيبة، التي واجهت عملنا الصحفي في جريدة “الصباح” وهو فقدان الكثير من الأحباب، وشهدنا قيامة الفيروس، وكان على الصحافة أن تسهم بتهدئة روع الناس، ولكن من يقرأ ومن يكتب، وتوقف الإصدار الورقي، وكان الناس بحاجة إلى الأمل أي أمل، وكان قرار المعنيين في رئاسة التحرير بإصدر الجريدة أون لاين ثوريا، وقتها كانت الاخبار بإصابة الزملاء والأصدقاء والأقارب تتوالى وكان الرعب منتشرا، ليس في بلادنا حسب انما في كل أرجاء كوكبنا الأرضي، ولأن الناس التجؤوا إلى بيوتها وأغلقت أبوابها، تفنن الناس في تزجية أوقاتهم، وقتها نشطت صفحة “سينما” في تكريس صفحاتها عن أفلام تخص الوباء، وربما كان الاستطلاع الذي نشر في صفحة سينما بعنوان” السينمائيون لا يكتئبون في زمن “الكورونا” واحد من المواضيع الطريفة والجميلة والمفعمة بالأمل، اذ شارك فيه صنّاع سينما ونقاد عراقيون وعرب، اتفقوا جميعهم على أن مشاهدة الأفلام والمسلسلات، هي الوسيلة الناجعة لمواجهة كآبة الوباء. 

مهمة شاقة

وذكر مسؤول صفحة علوم شمخي جبر: الزملاء العاملون في “الصباح” يعملون وسط أرض ملغومة، من ناحية أنها صحيفة الدولة التي تتحمل مسؤولية التعامل مع خطابي الموالاة والمعارضة، فهي صحيفة دولة وليست صحيفة الحكومة أو احد أحزابها، لهذا فمهمة المحرر شاقة ومضنية، وهو الذي عليه أن يراعي ويحترم كل هذا التنوع الديني والقومي والمذهبي، فلأنها صحيفة دولة، فالجميع لهم حصتهم فيها، ولا بد من مراعاة صوتهم واحتضانهم، في هذه المناسبة نستذكر التحديات الأمنية وبخاصة استهداف الإرهاب لهذه المؤسسة الكبيرة، التي قدمت العديد من الشهداء، دفاعًا عن وجودها أحرَّ التهاني والتبريكات لأمنا الصباح، ولجميع أبنائها وبناتها، وهي تحتفل بعيد تأسيسها.


سوشيال ميديا

رجح مسؤول صفحة موسيقى سامر المشعل: منذ انطلاقتها الأولى كانت “الصباح” متحدية للظروف الصعبة، التي كانت تحيق بالواقع السياسي العراقي، فعلى الصعيد الأمني، حاول الإرهابيون إسكات صوت “الصباح” عبر المفخخات والتهديد والخطف، وقدمت تضحيات كبيرة وجسيمة، فتعمدت حروف الكتابة والفكر بدماء الشهداء، وقدمت كوكبة من خيرة صحفييها والعاملين فيها، من أجل الكلمة الوطنية الصادقة، وما زالت تواصل خطابها الإعلامي الوطني، وتكون المرآة العاكسة لآمال وتطلعات الشعب العراقي في واقع سياسي، ما زال يعاني الاضطراب والتحدي، مكملاً: لعلَّ التحدي الأكبر للجريدة، هو مد مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، التي هددت الكثير من الصحف بالانقراض، إلا أن “الصباح” بطبعتها الورقية والإلكترونية وموقعها، ظلت على الدوام مصدرا مهما، تستمد مواقع السوشيال ميديا أخبارها وتصريحاتها ، ليس هذا وحسب وإنما أصبحت مصدرا مهما لطلبة الإعلام وإطروحاتهم في نيل الشهادات العليا في الماجستير والدكتوراه.


ثقة القارئ

علق مسؤول الباب المفتوح قاسم موزان: في خضم المتغيرات الكبيرة، التي أعقبت التغيير في العام 2003 وما رافقها من فوضى عارمة، كان من الصعوبة إصدار مطبوع، ينتهج الخط الوطني، يُسهم في تهدئة الشارع المضطرب في تبادل الاتهامات، ولم يقتصر الأمر إلى هذا، بل زاد الوضع  تعقيدا، حين تسيَّدت التنظيمات الإرهابية المشهد العام، وكأنها البديل الشرعي للنظام المباد، وتحريض الشعب على الاقتتال الطائفي، في تلك الظروف صدرت جريدة “الصباح” ونالت في فترة قصيرة ثقة القارئ  واستقطبت الأقلام الواعية المؤمنة بقدرة العراقيين، على رسم  مستقبل افضل مثل طائر الفينيق، الذي يولد من رماد احتراقه ويصبح مخلوقا جديدا.


تحديات وصعوبات

هنَأت مسؤولة صفحة الاسرة والمجتمع سعاد البياتي”الصباح” بذكرى تأسيسها وحيَّت جميع العاملين فيها قائلة:” وفي مراجعة سريعة لعملنا منذ العام 2006 ولغاية الآن، أعدها فترة مزدانة بالعمل وحب المهنة، التي منحتنا القوة في مواجهة التحديات والصعوبات، بشكل يليق بها كصحيفة رسمية، ولها دور كبير في الساحة الإعلامية، فقد كان العمل آنذاك تحفّه المخاطر، لا سيما أيام الطائفية والمفخخات والأعمال الإرهابية البشعة، بيد أننا واصلنا العمل والحضور وتحدت الصحيفة كل المخاوف للصدور. 

بينت الزميلة مهى قاسم عباس: بالنسبة لي تجربة غيرت مسار حياتي، وقد بذلت خلال العمل بها قصارى جهدي، لأتعلم وأبحث عما هو جديد في مجال عملي لتطوير التصميم لملحق (شمس الصباح) المخصص للأطفال، واجهنا صعوبات شتى في السنوات السابقة، أيام كنا نخفي هوياتنا أو نتركها في منازلنا، لئلا نتعرض لأذى العصابات الإرهابية، تساقطت على رؤوسنا سقوف المبنى، يوم فجَّرَ أحد البهائم نفسه بالقرب منا، لحظات رعب لا تنسى، ومع ذلك واصلنا المسيرة، وما زلنا نسعى للعمل بروح الأسرة الواحدة.

وفي الختام، ترحم العاملون في الجريدة على ارواح زملائهم في العمل والكتاب الخارجيين، الذين وافاهم الأجل لتبقى أسماؤهم محفورة في ذاكرة المتلقي وعلى أوراق الصحيفة الغرّاء.