الديوانية: عباس رضا الموسوي
ما أن تقترب من بلدة الشنافية، وأنت تقطع الاميال في الصحارى التي تناثرت فيها القرى الصغيرة ، حتى تعود بك ذاكرتك إلى السياب عندما يقول ( عيناك غابتا نخيل ساعة السحر) فهذه البلدة التي تبعد عن مركز محافظة الديوانية نحو ٩٠ كم جاورت الصحراء منذ القدم واتخذت من العزلة موقعا ميزها عن باقي المدن، فعلى جنبات الطريق المؤدية اليها تأسر عينيك الطبيعة بسمائها الزرقاء وطيورها المحلقة ورمالها الذهبية والسواقي المتعرجة والخضار الذي ترعى فيه قطعان الإبل .
كانت البداية مع فتيات بدويات جلسن امام عين الماء الموجودة منذ الازل وهن يتناولن أطراف الحديث الذي أنقطع مع قدوم هذا الحضري الغريب نحوهن قبل أن يجيبني بحياء عن أسئلة لطالما وددت ان استقي اجابتها من افواه أهل البادية ، وبفرط من الحياء الذي الذي تحول إلى لون احمر فوق خدها الوهاج قالت على عجل ( اسمي بروگ وارعى الابل مع بنات عمي ونأتي من الصباح الباكر ونعود عند العصر إلى مضارب الاهل ) قبل أن ترحل مع قريباتها وهن يجهدن باخفاء المزيد من القهقهات في
صدورهن .
اما في بلدة الشنافية فيقول علي الزاملي : إن طرق عيشنا تختلف في هذه البلدة ولكن اغلبنا يعتمد على صيد الطيور البرية خصوصا النادرة منها فيما يمتهن البعض تربية الماشية لكسب رزقهم و يجد البعض الاخر في الزراعة فرصته ، مشيرا إلى أن الشنافية تحتوي على مميزات طبيعية قلما وجدت في غيرها فهي محاذية للبادية من جهة وقريبة من هور عبدالله ابو نجم من جهة اخرى وهذا ما زاد من تنوع وجمال
طبيعتها .
لتنتهي رحلتي مع تناول السمك الطازج بالقرب من القصر المهجور المجاور لعين ماء مازالت تنبع منذ قرون، الغريب أن أهل المنطقة لا يعرفون تاريخ تشييد هذا القصر الشاخص ولا من الذي شيده، فالغرابة في تلك التخوم النائية ما أكثرها .