عبدالله حميد العتابي
تمثل جريدة «الصباح» علامة بارزة في تاريخ الصحافة العراقية وادت دورا رياديا في تأصيل خطاب وطني يضم في ثناياه كل العراقيين بغض النظر عن قومياتهم وطوائفهم واديانهم، من اجل خلق هوية وطنية جامعة تؤسس لعراق ديمقراطي حر عن طريق نشر الثقافة والوعي وترسيخ قيم الديمقراطية وحقوق الانسان التي افتقدناها عبر عقود في ظل نظام دكتاتوري مقيت، تبشر صحفه بالقائد الضرورة والحزب الواحد والأمة العربية الخالدة والموت في سبيل القائد الأوحد.
وجاءت المادة 225 من القانون الجنائي رقم 11 لعام 1969 لتقوض حرية الصحافة بفرض قيدين، أولهما يلزم الصحافة بان تترجم ايدلوجية حزب البعث الحاكم، وثانيهما نص على ان يعاقب القانون بالسجن لمدة سبع سنوات كل تشهير بالقذف في حق الرئيس أو حزب البعث وفي عام 1986 ارتفعت العقوبة لتتحول إلى عقوبة السجن مدى الحياة أو عقوبة الإعدام.
وفي 26 كانون الأول 1986 الغى نظام صدام كل تراخيص وسائل الاعلام السابقة وفرض على الكتابة عن اثني عشر موضوعا مختلفا وتولى النجل الأكبر لصدام عدي رئاسة اتحاد الصحفيين بعد ان انسحب كل مرشحي المعارضة واصبح الولاء المطلق لصدام وعائلته يفوق الولاء للعراق.
قد لا أكون مبالغا اذا ما قلت ان اطلاق جريدة «الصباح» في 17 أيار 2003 وعلى الرغم من طبيعتها الحكومية، الا أنها كانت صوت الشعب، والمعبر الحقيقي عن معاناته وعلى مدار احدى وعشرين عاما من متابعتي الشخصية لجريدة الصباح، فقد وجدت فيها جريدة المعلومة الصادقة والخبر الأكيد ؛حتى وان تعارض مع السرعة والسبق الصحفي، لأني اعتقد حينما تكون المعلومة حقيقية يكون السبق والانفراد، وهو ما تمتعت به جريدة الصباح خلال عقدين من عمرها، فضلا عن اجتهاد ( الصباح) وتميزها، فقد كانت الأولى على الرغم من حداثة عمرها هي الأولى في أشياء كثيرة، والتحدي الأكبر الآن ومستقبلا، يتمثل في كيفية الاستمرار في الاحتفاظ بالتفوق والانفراد والتميز في جميع المجالات الصحفية والطباعية والتسويقية بعيدا عن الانغلاق والجمود.
لا سيما ان الفصل الثاني من الدستور العراقي قد ضمن حرية التعبير وحرية الصحافة، وأشار الفصل نفسه إلى أن حرية التعبير وحرية الصحافة مكفولتان والصحافة تكون حرة والاشراف عليها ضمن الضوابط القانونية في المادة 36. وحدد قانون حق الوصول إلى المعلومات ذي الرقم 21 لعام 2013 الحقوق والواجبات التي تضمن الحق في الوصول إلى المعلومات وتنظيم طرق توفيرها وجمعها وتداولها.
وبقيَّ أن أقول إن «الصباح» منجزٌ اعلاميٌّ أثبت خلال السنوات السابقة، المهنية العالية والايمان المطلق برسالة الصحافة الحرة