«تكوين» وإعادة بناء الثوابت الدينيَّة

منصة 2024/05/21
...

 عبدالقادر حداد

أعلن موخراً عن إطلاق مؤسسة فكريّة وثقافيّة وتنويريّة بعنوان «تكوين» من داخل أرض المتحف المصري.
مؤسسو «تكوين» أو مجلس الأمناء كما يسمى أيضا تضم من مصر كلّاً من الصحفي والروائي إبراهيم عيسى، والمتخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه الدكتور يوسف زيدان، وإسلام البحيري الحاصل على الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة ويلز، وكذلك الكاتب المتخصص في الميثولوجيا وتاريخ الأديان فراس السواح من سورية، ونائلة أبي نادر الحاصلة على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من لبناني، وألفة يوسف الباحثة في الإسلاميات والتحليل النفسي وقضايا الجندر من تونس، وغيرهم العديد من الكُتاب والباحثين من مختلف الدول العربيَّة.
و»تكوين» مؤسسة عربيَّة تهدف إلى تطوير خطاب التسامح بين الأديان وفتح آفاق الحوار والمراجعة النقديَّة حول المسلّمات الفكريَّة وكذلك دعم الفكر المستنير والإصلاح الفكري.
كما وتعمد المؤسسة إلى أن تمهّد لخلق مستقبل مشرق للمجتمعات العربية والإسلامية من خلال الثقافة والفكر الديني المستنير، وإحلال التجديد والإصلاح في الفكر الديني لمكانة تتلاءم وتتواكب مع مستجدات العصر في المجالات العلميّة والفكريّة والثقافيّة كافة.
 وأثار محتوى المؤسسة وأهدافها نوعا من الجدل داخل الشارع المصري، فضلا عن بعض الدول العربية التي كانت بين الداعم لتأسيسها والمعجب بأفكارها وبين الناقد لها والداعي لغلقها ومنع أفرادها من نشر أفكارهم، إلى جانب اتهام مؤسسيها بالإلحاد ومحاولة هدم التراث الإسلامي.
ويشكل أصحاب الفكر العلماني الداعي لفصل الدين عن الدولة النسبة الكبيرة من مؤيدي «تكوين»، فضلا عن بعض ممن لا يصنفون أنفسهم على أنهم علمانيون، لكنّهم يدعون إلى مراجعة نقديّة لمحتوى التراث الإسلامي، ولا سيما مراجعة بعض الأحاديث المنسوبة إلى النبي محمد (ص) والوقوف على صحة ورودها عنه من عدمها.
في الجانب الآخر، وهو الطرف الرافض لـ «تكوين» وأفكارها وعلى رأسهم بعض المحسوبين على التيار الإسلامي، فإنّهم يرون أن «تكوين» وأفكار مؤسسيها هدم للثوابت الدينيَّة في المجتمعات العربيَّة خاصة، والإسلاميَّة عامة.
وقد أخذ بعض الرافضين لأفكار «تكوين» ومؤسسيها نعتهم بتسميات عدة «كأهل الظلال، والملحدين، والماسونيين»، كما وجه غيرهم تهما بأنّهم مدعومون من جهات يهوديَّة، معللين طرحهم استنادا إلى أن أول سِفر في كتاب التوراة اسمه «تكوين».
وقد تعرضت «تكوين» إلى هجوم واسع على مواقع التواصل الاجتماعي من رافضين ومنتقدين، عقب انتشار بعض صور حفل الإعلان عن انطلاقها يظهر فيها بعض الزجاجات لمشروب كحولي. وقد ردَّ يوسف زيدان على أن الزجاجات قد تمَّ وضعها في الصور عن طريق التلاعب في «الفوتوشوب» وأنّه والحاضرين في المؤتمر لم يتناولوا المشروبات الكحوليَّة، وأن ما حصل كان غاية التشويش وإلهاء الناس عن أهمية المبادرة العلمية الثقافية التي طرحها مع المفكرين خلال المؤتمر.
وفي أول ردٍّ للمؤسسة الدينية الأكبر في مصر (الأزهر) حول تأسيس «تكوين»، كتب الأمين العام لهيئة كبار العلماء والمشرف على الفتوى بالأزهر الدكتور عباس شومان منشورا في صفحته الخاصة على «فيسبوك» قاله فيه: «تتابع الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء حقيقة ما ينشر عن تكوين ككيان للنيل من ثوابت الدين وقيم الأمة، وأنه سيتم اتخاذ ما يلزم بعد الوقوف على الحقيقة».