الهند.. انتخابات وسياسات

قضايا عربية ودولية 2024/05/26
...

علي حسن الفواز



يبدو أن الهند ستكون اللاعب السياسي الكبير في العالم، ليس بحسابات المحاور، أو الخنادق، بل بحسابات الثقل الاقتصادي والجيوسياسي، فالهند البلد الأسرع نمواً في الاقتصاديات العالمية، والأكثر ثقلاً في المجال الديموغرافي تعني وجود عالمٍ مفتوحٍ، له ثقله في خارطة الأسواق الاستهلاكية والسياسات التجارية، في وقت يشهد فيه العالم ركوداً يُهدد أغلب رساميلها في الغرب والشرق.

هذا الثقل الاقتصادي ليس بعيداً عن القوى السياسية التي ترتبط بنفوذ الهند المتنامي دولياً، وبالاتجاه الذي يجعل منها منطقة جذب للتوازن، وللبحث عن قوة جديدة، واقتصاد معافى لدعم هذا الخيار أو ذاك، وما تكشفه الانتخابات الجديدة في الهند لهذا العالم سيؤكد الخيارات التي تكرست مع تواصل ولايات حكم رئيس الوزراء المخضرم " ناريندا مودي" الزعيم الهندوسي اليميني، على مستوى مواقفه السياسية من الصراعات الدولية، لاسيما الحرب في أوكرانيا، والحرب في الشرق الأوسط، وفي العلاقة مع الصين، وهي قضايا اإشكالية تنعكس تداعياتها على الاستقرار الإقليمي والدولي، وكذلك على مواجهة تحديات المناخ والإرهاب والمخدرات وغيرها..

احتمال فوز "مودي" في الانتخابات المقبلة يعزز معطيات الدبلوماسية الهندية في ترسيم حدود العلاقات السياسية والاقتصادية، وحتى الأمنية مع دول الجوار، ومع العالم الذي يواجه تحديات خطيرة، جرَّاء تمدد الحرب الأوكرانية وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي، وعلى الصراع الأورو- روسي، فضلاً عن تداعيات قضايا العدوان الصهيوني على غزة، وكذلك أزمة الملف النووي الإيراني، ومدى تأثيره في الواقع الإقليمي، وفي العلاقات الثنائية بين إيران والهند.

يعكس صعود وتنامي القوة الهندية، طبيعة التغيّرات الجيوبوليتكية في الإقليم، وفي العالم، فـ"الصراع الصامت" مع باكستان حول كشمير، وحول العلاقات الداخلية سيظل تحت "نار هادئة" كما أن المشكلات الحدودية مع الصين ستظل هي الأخرى تحت السيطرة، لكن الحديث عن مواقف سياسية واضحة من الحرب في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط هو ما تريده الولايات المتحدة، والتي تعمل على دفع الهند لأن تمارس ضغطاً على روسيا التي تحتفظ معها بعلاقات ستراتيجية، وعلى الدول العربية لإيجاد حلول للأزمات السياسية العالقة، وبما يخدم المصالح الأميركية في المنطقة وفي العالم، فبقدر مايحمله الموقف الهندي من "عقلانية" في التعاطي مع الحرب الروسية الأوكرانية، ودعوتها إلى إحلال السلام ومعالجة الصراع بالطرق السياسية، فإن الضغط الأميركي يسعى إلى خلخلة هذا الموقف، وإلى تغيير في السياسات الهندية، وهذا ما جعل روسيا تتهم الولايات المتحدة بالتدخل في الانتخابات الهندية لدعم فوز مودي في الانتخابات المقبلة.