«إيرث كير».. قمرٌ اصطناعيٌّ يكشفُ تأثير السحب في المناخ

علوم وتكنلوجيا 2024/05/28
...

 باريس: أ ف ب

ينطلق القمر الاصطناعي «إيرث كير» اليوم الثلاثاء من قاعدة فاندرنبرغ في ولاية كاليفورنيا الأميركية بصاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبايس إكس» في مهمة لتحديد الدور الذي يمكن أن تؤديه السحب في مكافحة تغير المناخ. وسيدور القمر الاصطناعي الذي يبلغ وزنه طنين على ارتفاع نحو 400 كيلومتر فوق الأرض لمدة ثلاث سنوات، ما من شأنه إعطاء صورة كاملة عن السحب، في مهمة كانت نتيجة تعاون بين وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء اليابانية «جاكسا».
وقال دومينيك جيّيرون، رئيس قسم مشاريع مراقبة الأرض في وكالة الفضاء الأوروبية: «تُعدُّ (السحب) من العناصر الرئيسة المساهِمة في طريقة تغير المناخ، ومن أقلها فهماً».والسحب هي ظاهرة متنوعة ومعقدة، ويعتمدُ تركيبها على مكان وجودها في طبقة التروبوسفير، وهي الطبقة الأدنى من الغلاف الجوي للأرض، وفق جيّيرون. تبدأ طبقة التروبوسفير على ارتفاع نحو ثمانية كيلومترات فوق المناطق القطبية، لكنْ قرب خط الاستواء، تبدأ على ارتفاع نحو 18 كيلومتراً. وهذا يعني أنَّ السحب تؤثر في المناخ بشكلٍ مختلفٍ بحسب ارتفاعها وموقعها على خطوط العرض.على سبيل المثال، تكون السحب الركاميَّة البيضاء الفاتحة والتي تتكون من قطرات ماء، منخفضة جداً وتعملُ مثل مظلة، ما يعيدُ عكسَ إشعاع الشمس إلى الفضاء ويبرد الغلاف الجوي. أما السحب الرقيقة المكونة من بلورات جليد فتسمح للإشعاع الشمسي بالمرور عبرها ما يسبب رفع درجة حرارة الكوكب.  وقال جيّيرون إن السحب الرقيقة تحبس الحرارة مثل «البطانية».

مظلة أو بطانية؟
وبالتالي، أصبح فهم طبيعة السحب أمراً مهماً للغاية، وفق سيمونيتا تشيلي، رئيسة برامج مراقبة الأرض التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية. وسيصبح «إيرث كير» أول قمر اصطناعي لقياس التوزيع الرأسي والأفقي للسحب، كما أوضحت في مؤتمر صحافي. وستركزّ أداتان من أدوات القمر الاصطناعي على السحب لاستكشاف أعماقها. ستستخدم أداة «ليدار» ليزر نبضي لقياس السحب والهباء الجوي، وهي جزيئات صغيرة في الغلاف الجوي مثل الغبار وحبوب اللقاح أو الملوثات المنبعثة من البشر مثل الدخان أو الرماد. ولفت جيّيرون إلى أنَّ الهباء الجوي هو «بوادر» للسحب.وسيخترق رادار القمر الاصطناعي السحب لقياس كمية المياه التي تحتويها، كما سيتتبع سرعة تحرك السحب عبر الغلاف الجوي، على غرار الطريقة التي تساعد بها الرادارات الشرطة في رصد السيارات المسرعة. وستقيس الأجهزة الأخرى للقمر الاصطناعي شكل السحب ودرجة حرارتها. وستسهمُ كل هذه البيانات في إنشاء أول صورة كاملة عن السحب من منظور قمر اصطناعي.

انبعاث الحرارة في الفضاء
وعلى صعيد منفصل انطلق السبت الفائت من نيوزيلندا قمرٌ اصطناعيٌّ صغيرٌ تابعٌ لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) يهدف إلى قياس انبعاث الحرارة في الفضاء بالتفصيل عبر أقطاب الأرض وذلك للمرة الأولى. ويُفترض أنْ تتيح هذه المهمة التي تسمى «بريفاير» PREFIRE، تحسين توقعات العلماء المتعلقة بالتغير المناخي.
وكانت مديرة البحوث العلمية المتعلقة بالأرض في وكالة ناسا كارن سانت جرمان قالت في مؤتمر صحافي منتصف أيار، إنَّ “المعلومات الجديدة التي سنحصل عليها للمرة الأولى، ستساعدنا في وضع نموذج لما يحدث في القطبين”.
وأُطلق القمر الاصطناعي المماثل بالحجم لعلبة أحذية، بواسطة صاروخ “إلكترون” من تصنيع شركة “روكيت لاب” من ماهيا في شمال نيوزيلندا. وستتولى الشركة نفسها إطلاق قمر اصطناعي مماثل لاحقاً.وسيجري القمران قياسات بالأشعة تحت الحمراء البعيدة فوق القطبين الشمالي والجنوبي، لتحديد للمرة الأولى كمية الحرارة المنبعثة في الفضاء بشكل مباشر.
وأوضح المدير العلمي للمهمة في جامعة ويسكونسن في ماديسون تريستان ليكوييه، أنّ ظاهرة الانبعاث هذه “تتّسم بأهمية لأنها تساعد في توازن الحرارة الزائدة المتأتية من المناطق الاستوائية وفي تنظيم درجة حرارة الأرض”. وأضاف “إنّ هذه العملية التي تدفع الحرارة من المناطق الاستوائية إلى القطبين، هي مصدر كل أحوالنا الجوية على الأرض”. وترغب ناسا من خلال “بريفاير” في فهم طريقة تأثير السحب والرطوبة وتحوّل السطح المتجمد إلى سائل، على انبعاث الحرارة هذا.
وأشار تريستان إلى أنّ النماذج التي يستخدمها العلماء حتى اليوم لتوقع الاحترار المناخي لا تعتمد في ما يخص هذا المعيار، إلا على نظريات لا على عمليات رصد فعلية. وأضاف “نأمل في التوصل إلى تحسين قدرتنا على محاكاة ارتفاع مستوى سطح البحار في المستقبل، وطريقة تأثير التغير المناخي في القطبين على أنظمة الطقس على الكوكب”.