بغداد: علي موفق
وصلت أسعار إيجارات المنازل في بغداد حتى في أحيائها الطرفيَّة إلى مستوى قياسي أثّر بشكل مباشر في الطبقات المتوسطة والفقيرة ذات الدخل المحدود.
وعلى الرغم من تأرجح مستوى الخدمات كالماء والصرف الصحي والكهرباء بين الوجود واللاوجود والتقطع بين منطقة وأخرى في العاصمة، إلا أنَّ ذلك لم يمنع قيام أصحاب الأملاك برفع أسعار الإيجارات دون أدنى رقابة.
ولم تضف المجمعات السكنية الحديثة المنتشرة في العاصمة شيئاً لحل أزمة السكن، إذ لم يتمكن من شرائها سوى أصحاب الطبقة الاجتماعية المترفة بسبب غلاء أقيامها، وعدم تدخل الدولة بتحديدها مما أضاف عبئاً آخر للأزمة المتفاقمة في البلد منذ سنين.
المختص في شؤون العقار محمد الشمري، أوضح لـ"الصباح" أنَّ الكثافة السكانية في بغداد تلعب دوراً أساسياً في زيادة حدة أزمة السكن، إذ أصبحت حتى مناطق الأطراف تعج بأعداد كبيرة من المواطنين الذين هم بحاجة إلى سكن وخدمات، مما انعكس على تشويه المناطق من خلال تقطيع المنازل وزيادة العبء على الخدمات الأساسية.
وأضاف أنَّ أسعار إيجارات المنازل ارتفعت بسبب زيادة الطلب، إذ أصبحت تتراوح بين 500 ألف دينار فصعوداً لحدود المليون دينار في حال كان المنزل كبيراً، وهناك منازل ذات بناء قديم نوعاً ما تؤجّر بحدود 400 ألف دينار، أما في المناطق الراقية فتصل إلى أضعاف ذلك سواء بالنسبة للمحال أو المنازل.
وأوضح الشمري أنَّ شراء المنازل في المناطق الزراعية ازداد تعقيداً، إذ كانت أسعارها مقبولة في البداية ويمكن للموظف أخذ قرض وشراء إمّا قطعة أرض أو منزل صغير فيها، إلا أنَّ الأزمة أثرت أيضاً بها ودفعت بأسعارها إلى الصعود أكثر، وأصبحت تقارن في بعض المناطق بأحياء الطابو.
وتابع أنَّ هناك أحياء في العاصمة خصوصاً في أطرافها بحاجة إلى مدّ الخدمات الأساسية إليها من قبل الجهات الحكومية، إذ من الممكن أن تسكن فيها أعداد غير قليلة من المواطنين في انتظار اكتمال حلول الأزمة.
وتفكر الحكومة في إنشاء مدن سكنية ملاصقة للعاصمة كمدينة علي الوردي ومدينة الجواهري، إلا أنها تتطلب أعواماً لتنفيذها مما يجعل حلول السكن بعيدة المدى.
أما دلال العقارات في منطقة حي الإعلام ببغداد أبو محمد الربيعي، فقال لـ"الصباح": إنَّ أغلب المواطنين لم يعد بإمكانهم شراء منزل سكني بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، إذ وصل سعر المتر في المنطقة إلى ثلاثة ملايين دينار وأكثر حسب الموقع بالنسبة للمنزل وأقل قليلاً في حال كانت قطعة أرض، أما في المجمعات السكنية فقد ارتفعت أسعارها أيضاً بشكل مبالغ فيه سواء بالنسبة للتأجير أو الشراء.
وأردف أنَّ أصحاب رؤوس الأموال يلجؤون في أحيان كثيرة إلى شراء المنازل الكبيرة وهدمها ومن ثم تقسيمها على منازل أو شقق سكنية وتأجيرها أو بيعها بأسعار غير قليلة، وهذه لا تمثل حلاً لتوفير السكن لأصحاب الطبقة الفقيرة أو الوسطى، لذا يجب على الجهات الحكومية التدخل وإيجاد حلول منصفة.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش لـ"الصباح": إنَّ سوق العقارات ارتفعت خلال الأعوام المنصرمة إلى 150 بالمئة.
وبيّن أنَّ أسعار الشقق السكنية المبالغ بها في المجمعات الجديدة انعكست على المنازل في بقية المناطق التي شهدت أيضاً صعوداً لافتاً، إضافة إلى عدم وجود مجمعات اقتصادية.