مخلفًا الضياع والانفكاك.. شبح الطلاق يُلاحق المتزوجين الجدد

ريبورتاج 2024/05/29
...

 أمير البركاوي 

في زمن ليس بالبعيد كانت نسب الطلاق ضئيلة في المجتمع العراقي، قياسا بالحقبة الآنية التي نعيشها منذ عام 2003، إان حدثت تسبقها جلسات إصلاح من قبل العائلة نفسها، إلا أن ما نراه الآن تسهيل بعض الأطراف قضية الطلاق وكأنها لعبة في أحد الهواتف الذكية، مسببة بذلك دمار الأسر الفتية وخراب المجتمعات.

الأمس ليس اليوم، فقد سجلت المحاكم العراقية إحصائيات مرعبة لحالات الطلاق، مما يؤشر خللا في المنظومة الاجتماعية التي دعتنا إلى أن تكون لدينا استمرارية بوقفاتنا التحقيقية، لمعرفة الأسباب والآثار النفسية، ووضع الحلول التقليدية وغير التقليدية لهذه الظاهرة.


قواعد ومعالجات

يقول المختص في فلسفة المجتمع الدكتور حسنين جابر الحلو: إن "الطلاق أخذ بالازدياد في مجتمعاتنا المحافظة، وذلك لأسباب كثيرة واحدة منها التفكك الاسري وعدم تحمل المسؤولية من الطرفين، مما يسبب اتساع حجم الهوة المجتمعية، والاتكالية كجزء من المشكلات الحاصلة".

واضاف الحلو، انه "علينا ايجاد حلول غير تقليدية للازواج، واحدة منها الاستماع بين الزوجين، وتخصيص وقت كاف للحوار، وعدم إدخال أشخاص حتى من الأسرة أنفسهم، وتفعيل قاعدة التسامح وعدم جعل الباب مفتوحاً أمام رياح الناس لتتدخل في كل شاردة وواردة".

وبين إلى ان "تكون المعالجات والتدابير من قبل الجهات المعنية، منها وجوب وضع ارشادات إعلانية لخطورة الطلاق على الأسرة، ما يسبب الضياع والانفكاك، وإمكانية فتح دورات توعوية للمتزوجين الجدد من خلال تعليمهم المسؤولية وطرق التعامل مع الأزمات، وتوفير البدائل مع المتغيرات، وتوسعة أفق الزوجين في فك الخلافات الحاصلة وبشكل موضوعي، وأيضاً إمكانية وضع مادة عن الأسرة تدّرس في الجامعات بعّدها الفئة الأقرب إلى الزواج، وممكن أن تتكون لديهم الخبرة من خلالها".

إرشادٌ مجتمعي 

واشار الحلو، إلى أن "على المؤسسات المتصلة بالمحاكم وغيرها أن تفعّل دور المرشد الاجتماعي لاجتياز بعض العقبات، وتوفير الحلول المناسبة والذهاب إلى جانب التهدئة والحوار، وترك جوانب التعسف والانفصال، فضلا عن مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي في ما تبثه من سموم تهدم كيان الأسرة وتقويها على الانحراف، وبتحديدها ممكن السيطرة ولو بشكل جزئي على 

الخلافات".


الصحة النفسيَّة أولا

ترى المتخصصة في الطب النفسي الدكتورة نور عماد چاچان، أن "الطلاق له تأثير كبير على المطلقين، لأنه يعد صدمة وجرحا نفسيا واجتماعيا، فتبدأ المعاناة من احباط وتوتر واكتئاب، لكونهم يشعرون بأنهم فشلوا بالزواج والحفاظ على أسرة متماسكة".

وأضافت قائلة: إن "نشوء الكره والمشاحنات بينهم أثناء وبعد عملية الطلاق، هي نهاية العودة والإصلاح، وللأهل دور كبير بهذا الموضوع فهم يدفعونهم للتصرف كأعداء، وهذا الشيء ينعكس سلبا على الأشخاص نفسهم وعلى أطفالهم، حيث يكونون أكثر هشاشة نفسية وارتباكا، وبالتالي تزيد معدلات الاضطرابات النفسية والجريمة نتيجة غياب هيكلية الأسرة الصحية، والتوجيه الصحيح لتربية الأطفال والمراهقين".

وأوضحت، أن "الوقاية خير من العلاج ومسألة الطلاق تبدأ بعلامات كثيرة، وممكن من البداية الانتباه لها وحلها وتلافي أسبابها حصولها، وخصوصا الاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي".

 وأردفت، "اما اذا حدث الطلاق يفضل أن يكون سلميا قدر الامكان لتقليل الاضطرابات والجروح النفسية والاجتماعية التي تحدث بسببه، وأهمية أن يكون دعم الأهل والأصدقاء لتخطي هذه المرحلة، وأن تكون علاقتهم سلمية قدر الامكان بعد الطلاق للحفاظ والتعاون على تربية وتنشئة أولادهم بصورة صحيحة، بعيدا عن المشاحنات التي تزيد من التفكك الأسري والمجتمعي".


فرصة

فيما عزا الكاتب نجم عبد عطية، أن "للطلاق في مجتمعنا أسبابا كثيرة منها عدم التكافؤ الثقافي، أو بسبب المخدرات، أو العامل الاقتصادي".

واسترسل قائلا: "كخطوة حل يجب تقريب وجهات النظر بين الزوجين وعدم التشجيع على التفريق، وتشغيل الشباب المتزوجين العاطلين، عبر مبادرات فرص في القطاع الخاص أو العام، أو شموله بنظام الرعاية الاجتماعية، مع حل أزمة السكن التي يعاني منها الكثير".

الموظفة في شعبة الإعلام التربوي زينب عبد الأمير، ترى أنه "يجب إدخال الراغبين للزواج إلى دورات إرشادية تأهيلية قبل الزواج، وذلك لاستقبالهم الحياة الزوجية ومفهوم الشراكة وتقليل نسب الطلاق عبر ذلك". 

مشيرة إلى أن "أغلب أسباب الطلاق في الوقت الحالي هو عدم التفاهم واستبداد الآراء وعدم التنازل من قبل الطرفين".