شارع استقلال في إسطنبول.. من مكانٍ للصيد إلى أشهر وجهة سياحيَّة في العالم

منصة 2024/06/04
...

 اسطنبول: ايبك اوزتورك

يعد من بين أكثر الشوارع ازدحاماً واستقطاباً للسياح في العالم، يربط ما بين ميدان تقسيم منطقة كاراكوي، مروراً ببرج غلطة الشهير، محاطاً بالعديد من المعالم الحديثة والتاريخيَّة منها.
شارع الاستقلال بإسطنبول يربط بين الماضي والحاضر؛ إذ يضمُّ محال تجارية لماركات عالمية وصوامع صوفية وأبراج الكنائس المسيحيَّة التي تروي قصة الشارع الذي كان حاضرة بيزنطة وقلب عاصمتها القسطنطينية منذ القرن السابع قبل الميلاد.
بين البيزنطينيين والعثمانيين
بدأ تشكيل شارع الاستقلال مع العصر البيزنطي، إذ كان برج غلطة محاطاً بالأسوار، وكانت مستعمرة للمجتمعات اللاتينية، وكانت هذه الضفة تسمى القرن الذهبي (جزءٌ من النهر الذي يقسم الضفة الأوروبيَّة بين تقسيم ومنطقة أمينونو) «بيرا» أو الجانب الآخر، حسب الموقع الرسمي لشارع الاستقلال.
هضبة بيوغلو تقع بالقرب من ساحل القرن الذهبي وصولاً إلى أعلى نقطة في منطقة غلطة الواقعة بين القرن الذهبي ومضيق البوسفور الشهير، كانت هناك مناطق للصيد والغابات والمقابر، ولم تكن المنطقة تضم عدداً كبيراً من المنازل بل القليل فقط.

في العصر الحديث
مع بداية القرن التاسع عشر، بدأت منطقة بيوغلو تصبح من المنتجعات الصيفيَّة، إذ تمَّ تشكيل الشارع بالكامل في النصف الثاني من القرن، إذ كان المثقفون العثمانيون والنبلاء والشباب المواكبون لأنماط الحياة الأوروبية يقصدون الشارع لاحتوائه على أماكن ومقاهٍ حديثة.
خلال هذه الفترة، قام الضيوف الأوروبيون الشرقيون ببناء أماكن الترفيه والاستراحة ومبانٍ فاخرة وأنيقة في الشارع.
أصبح نمط حياة يسمى بـ»La Belle Epoque” أي الزمن الجميل في عهد السلطان عبد العزيز.
كانت توجد عربات ترام تجرها الخيول ونفقٌ وكهرباءٌ خلال هذه الفترة.
كان الذهاب إلى منطقة بيوغلو “شارع الاستقلال حالياً” نشاطاً ترفيهياً لسكان مدينة إسطنبول، إذ كانت المحال التجارية التي تتميز بطابع حديث وملابس مختلفة تستقطب محبي الأزياء الجديدة ما بين سنة 1850 و1860.
يعدُّ مترو الأنفاق الرابط بين شارع الاستقلال ومنطقة كاراكوي ثاني أقدم مترو في العالم بعد لندن، تمَّ قبول الفكرة التي قدمها المهندس الفرنسي يوجين هنري جافاند إلى السلطان العثماني عبد العزيز، وبدأ بناؤها في العام 1871 وافتتح في العام 1875 بحفلٍ رائع.

الشارع والجمهورية التركية
خلال القرن العشرين تغير اسم الشارع من الشارع الكبير إلى شارع الاستقلال، بعد قيام الجمهورية التركية بعد الحرب العالمية الأولى على أنقاض الإمبراطورية العثمانية سنة 1929، إذ افتتح في الشارع دور سينما ومسارح، فضلاً عن أعدادٍ هائلة من الفنادق تساعد في استقطاب عددٍ كبيرٍ من الزوار للمنطقة.
خلال الربع الأول من القرن العشرين أصبح شارع الاستقلال مكاناً يتم التحدث فيه بلغات العالم العديدة بحكم عيش العديد من الجنسيات به، لكنْ في إحدى الفترات بدأ الشارع يفقد رونقه واستقطابه للناس سواء كانوا محليين أو أجانب.
خلال خمسينيات القرن الماضي بدأت الهجرات إلى المدن ترتفع وسط انهيارٍ للشارع، لتبدأ عملية الترميم والتنظيف لشارع الاستقلال في تسعينيات القرن الماضي لكي يعود إلى ما كان عليه.
حالياً يعدُّ شارع الاستقلال واحداً من بين أكثر الشوارع ازدحاماً في العالم؛ إذ يضم عدداً هائلاً من المحال التجارية لماركات عالمية، بجانب الأماكن التاريخية التي يقصدها زوار المنطقة لالتقاط الصور والتي تجعل الشارع يجمع ما بين الحداثة وعبق التاريخ.