عمليات التجميل.. حمى التغيير بطعم الموت

ريبورتاج 2024/06/05
...

 ذو الفقار يوسف

استجمعت ندى قوتها لتحقق التزاماتها المالية، فهي تحاول قدر استطاعتها أن تجمع المبلغ المطلوب لتصل إلى هدفها المنشود، وما أن وصلت إلى المبلغ المحدد، ارتقت سلم السعادة للذهاب إلى صديقتها لتذهب معها كمرافقة في رحلة تغيير ملامح وجهها وجسدها، وبالرغم من نصائح أهلها وزوجها لها، إلا أنها دخلت بوابة التشريح فقط لتكون كما تريد.

ندى كمثيلاتها من الفتيات التي تراقب الموضة العربية والعالمية، ولا تنتهي عند هذا الأمر فموضة العراق هي الأهم بالنسبة لها، لكونها طالبة جامعية و"الفلر والبوتوكس" بديهيات بالنسبة للطالبات في جامعتها، اما عمليات النحت وقص المعدة وتصغيرها وحقن مناطق معينة في الجسم فحدث ولا حرج.


الأهم ثم الأقل أهمية

الدكتورة ميس العزاوي أكدت لنا أن "عمليات التجميل التي تقام بمراكز منتشرة في البلد والتي تستقبل آلاف الحالات سنوياً، في ظل عدم تمكن تلك المراكز من اجتذاب حالات من الدول العربية أو الأجنبية المجاورة، رغم انخفاض تكلفة إجراء العمليات بها". مشيرة إلى أن "عدم تمتع المراكز بها بأحدث التقنيات والأجهزة المتعارف عليها حال دون تحمّس الوافدين للقدوم إليها، لأغراض علاجية وتجميلية إلى الآن".

تكمل الدكتورة ميس وهي مختصة في علاج وإدارة أمراض واضطرابات الأذن والأنف والحنجرة والأعضاء المتعلقة بها أن "اغلب العمليات التجميلية التي تجري في البلد تتوزع حسب مكان الجراحة، فتتصدر عمليات الوجه وبالتحديد الأنف لكونها الأكثر طلبا بين نساء ورجال العراق، فيما تأتي بعدها عمليات زراعة الشعر والحقن التجميلية للشفاه، والتي صارت تجرى في صالونات حلاقة غير مرخصة للقيام بهذه العمليات". منوهة بأن "هناك عمليات من نوع اخر تجري فقط لأولئك الذين قد تعرضوا لحوادث، مثل عمليات التصحيح والتقويم وغيرها".


للرجال نصيب

وتعد عملية شفط الدهون بالليزر هي العملية الأكثر طلباً بين النساء والرجال على حد سواء، إذ إن السمنة المنتشرة بين كلا الجنسين وانعدام ثقافة الاكل الصحي وانتشار مطاعم الوجبات السريعة في البلد جعل هذه العمليات هي الأبرز بين العمليات الجراحية، والتي تؤدي بعض الأحيان إلى وفاة الشخص.

الضابط في الشرطة العراقية والذي رفض الكشف عن اسمه، أكد ان "بعد توجيهات وزارة الداخلية بالاهتمام باللياقة البدنية لمنتسبيها حاولت قدر استطاعتي الدخول إلى صالات "الجم" والقيام بتمارين ولمدة طويلة، الا أن بنية جسدي حالت دون انقاص وزني، وهذا ما دفعني للذهاب صوب عمليات شفط الدهون وقص المعدة لاختار الأخيرة للخلاص من وزني الزائد".

يضيف "بالرغم منم الأموال والوقت والألم المصاحب لما بعد اجراء عملية قص المعدة، وهذه العملية لها اثارها الجانبية على صحة كل من يقوم بها، والى الآن أنا أعاني من آلام لا توصف، فضلا عن ذلك تغير شكلي وتساقط شعري واشعر بالخمول الدائم، لذا انصح الجميع بأن يبتعد عن هذه العمليات الخطيرة والتوجه نحو الحل الأمثل، وهو الأكل الصحي والتمارين الرياضية المستمرة".

ويتوجه البعض من المواطنين نحو هذه العمليات وهدفهم اجراء عمليات جراحية ضرورية بسبب مرض ما، الا أن بعض الأطباء وعروض عيادتهم تغريهم للدخول وتجربة عمليات التجميل.

حازم مفتن كان أحد أولئك الذين غرتهم هذه العروض، فبعد أن عانى لمدة عام كامل من التهاب حاد في الجيوب الانفية، توجه إلى احد الأطباء في بغداد لاستئصالها جراحيا، الا أن الطبيب الجراح عرض عليه عملية تصغير الأنف واستئصال الجيوب بفارق بسيط بالسعر، ما جعل حازم يوافق على هذا العرض بلا تردد.

يقول مفتن إن "العرض كان مغريا، فضلا عن الوقت المخصص للشفاء ما بعد اجراء العمليتين هو نفسه، بالتالي لم اخسر أي شيء غير مبلغ بسيط يخلصني من مشكلتي، وأيضا اظهار ملامحي بشكل أجمل من ذي قبل". مختتما حديثه "لماذا لا افعلها، فالعراقيون معروفون بكبر انوفهم".


زرق ابر

وتنتشر صالونات الحلاقة والعناية بالبشرة في أنحاء العراق، حيث قامت بعض النساء من ربات البيوت بفتح صالونات حلاقة والعناية بالبشرة في منازلهم، وهذا ما أكدته نور حسام (26 عاما)، حيث تقول: إنه "ليس من الغريب رؤية هذه الصالونات داخل المنازل، بل هو استخدام ابر حقن البشرة والشفاه بدون استشارة طبية من قبل أولئك النساء".

تشير حسام إلى أن "أطفال صاحبة الصالون المنزلي يتواجدون في الغرفة نفسها التي تقوم بها صاحبة الصالون بالحقن، حتى أن واحدا منهم حمل إحدى هذه الابر وعندما غضبت والدته من تصرفه قام برمي الحقنة على الأرض، لتحملها بعد ذلك الأم واستخدامها وكأنه لم يحدث أي شيء".