نظام اكتشاف التهديدات

منصة 2024/06/06
...

هل تعلم عزيزي القارئ أنَّ المخ البشري طوَّرَ العديد من الأنظمة والعمليات التي تجعلنا على دراية بالتهديدات، وأنَّها مكنتنا من الاستعداد والتأهب لمواجهة الأخطار وكيفيَّة التعامل معها؟
 المثير للدهشة أنَّ العلماء اكتشفوا مؤخراً نظاماً أطلقوا عليه نظام اكتشاف التهديدات Threat Detection System)) وصفوه بأنَّه أشبه بحارس أمنٍ يقظ، يكتشف التهديدات قبل وقوعها ويأخذ وضعيَّة الاستعداد لمواجهتها؛ وذلك بضخ إشارات كيميائيَّة وعصبيَّة متعددة تجعلنا في حالة تأهبٍ للتعامل مع التهديد.
والمدهش أيضاً أنَّه يستخدمُ أسلوب (الكر أو الفر) ويحدد لنا الموقف المناسب من التهديد بين أنْ نكون مستعدين لمواجهة الخطر بما يضمن تغلبنا عليه، أو الهروب منه إنْ كان هو الأقوى.
ويصف العلماء (نظام اكتشاف التهديدات) بأنَّه حساسٌ للغاية في المحافظة علينا بجعلنا في حالة يقظة، وأنَّه يمتلك شيئاً يشبه الزناد أو صافرة إنذارٍ حين يتحسس مجيء خطرٍ
قادم.
ليس هذا فقط، بل إنَّه يأخذ في الاعتبار شدة التهديد ونوعه وطبيعته ليحدد مدى جديَّة ردِّ فعلنا. فاذا كان الخطر شديداً فإنَّه يعملُ على دقّ جميع نواقيس الخطر في جهازك العصبي.
وأفادنا هذا النظام بمعلومة سايكولوجيَّة جديدة هي أنَّ الاستجابة للضغوط النفسيَّة ترجعُ في أصلها الى نظام اكتشاف التهديدات بالمخ، وأنَّ المخ هو الذي يحدد طريقة التعامل مع الأخطار والتهديدات.
وأنه على الرغم من أنَّ الشعور بالتوتر والقلق هو أمرٌ غير سارٍّ لمن يشعر به، فإنَّه عادة ما يكون أمراً جيداً؛ لأنَّه يحافظ على سلامتنا ويمنع عنّا أنْ نصاب بأذى، بالرغم من أنَّ استجابتنا للضغوط تزيد من تشنج العضلات وترفع معدل ضربات القلب والتنفس وتجعلنا أكثر تركيزاً وأقل قدرة على تشتيت انتباهنا وأكثر تحفزاً. وسواء كنت موظفاً، إعلامياً، رياضياً، سائق تكسي، فإنَّ هذه الحالة تجعلك أكثر قدرة على أداء عملك.
وننبه جنابك الكريم، الى أنَّه أمرٌ جيدٌ حين تكون مستثاراً ومنتبهاً عند تعاملك مع قضيَّة عاجلة، لكنْ أنْ تكون في حالة تأهبٍ دائمٍ للمخاطر فإنَّه يسببُ لك الاضطراب، تماماً كما في حالة جهاز إنذار الحريق، فحين ينطلق صوته عندما يكون هناك دخانٌ حقيقيٌّ فهذا هو الإجراء الصحيح، لكنْ أنْ ينطلقَ جهاز الإنذار باستمرار من دون وجود ما يستدعي ذلك فإنَّه سيستهلك بطاريَّة الجهاز ويتوقف عن العمل، وهذا يحصل عند المصابين باضطراب القلق المزمن وعند الذين يبحثون باستمرار عن الأخطار
والتهديدات.
واعلم أنَّ هناك أجزاءً بالمخ تجعلنا نشعر بالخوف والقلق والتوتر عندما نواجه مشكلات أو مخاطر، وهناك أجزاءٌ أخرى في المخ مسؤولة عن إيقافها عند الحاجة، وهذا يوصلنا الى اكتشاف سرٍ أو حقيقة أنَّ الشعور باليأس يحدث عندما تصبح الأجزاء المسؤولة عن إيقافها غير فعّالة، بينما الشخص السليم نفسياً يكون (نظام اكتشاف التهديدات) لديه مثل جهاز إنذار الحريق، لا يدق الأجراس إلا عند تحسسه
للدخان.