حمزة مصطفى
الواوي في كل الأحوال أهون من الذيب, بمعنى آخر ، مقدور عليه، بعكس الذيب الذي يحتاج أن تتحزم له بحزام أسد. لكن ماعلاقة البطيخ بالأمر؟ أتركوا هذا الأمر للخاتمة. لا أعرف على وجه التحديد قصة (الواوي والذيب) لكنه يضرب لغرض التفريق بين نوعين من المخاوف التي يمكن أن يواجهها الإنسان في حياته اليومية أو المجتمع في حال يواجه مجموعة من الأخطار المترابطة مع بعضها.
ففي الشتاء نخشى الواوي أكثر من الذئب مع أن الواوي دخل موروثنا الشعبي بوصفه من أصحاب السوابق في سرقة الدجاج حسب القراءة الخلدونية قبل صفقة القرن وانهيارجدار برلين وبناء جدار المكسيك. سبب خشيتنا مع إدعائه التوبة غير النصوح يعود الى موسم الأمطار الوفير الذي مر بنا الشتاء الماضي. الخشية كانت فيما إذا كانت السدود وفي المقدمة منها سد الموصل مطمئنة أم لا أو أن خزيننا المائي يكفي بما يكفينا شر سد اليسو وإذا الأخبار تأتي من سد دوكان الذي بات يشكو الشحة مع إننا كنا نخشى فيضانه قبل إسبوعين.
بالصيف الذي تعودنا أن نضيع فيه اللبن غير مأسوف عليه كالعادة الخشية تتضاعف بعد دخول عوامل كثيرة على خط التصادم بين قطبي مخاوفنا (الواوي والذيب) والبطيخ لاحقا. درجات الحرارة التي تتخطى نصف درجة الغليان هي التي تثير مخاوفنا صيفا, وبالتالي تتجدد مخاوفنا من الذئب مع إنه حصل على براءة من دم يوسف. مع ذلك مازال يمثل خطرا قد يجبرنا على إدراجه على قوائم المطلوبين وفق المادة 4 إرهاب. وربما يصل بنا الأمر الى حد مطالبة الأنتربول بالقاء القبض عليه في أقرب غابة من غابات الأمزون لا لشيء الأ لكي نتوسط لإطلاق سراحه قبل وصول ملف استرداده.
لماذا؟ لأننا نحتاج الذئب لكي تستقيم معادلة التخويف. ففي حال جرى تخويفنا بالواوي فقط فإن المسألة سوف تتحول في تقادم الزمن الى مجرد إجراء شكلي حتى مع وجود البطيخ. علاماتيا فإن المعادل المكافئ للواوي من حيث درجة التخويف هو الذئب لوجود علاقة جدلية بين الإثنين على طريقة ماهو جدلي لدى أحزاب اليمين واليسار في العالم التي صدعت رؤوسنا بهذه الفرضية عقودا طويلة من الزمن. تلك الجدلية التي لم توقف غاغارين الروسي على الصعود الى القمر ولا أرمسترونغ الأميركي الذي تمشى على سطحه بعد عشر سنوات من محاولة سلفه مطلقا عبارته الشهيرة “خطوة صغيرة لإنسان لكنها قفزة كبيرة
للبشرية”.
نعم البشرية قفزت في غضون عشر سنوات من تحدي القمر الى التمشي فوقه قبل اكتشاف الرئيس دونالد ترمب أن القمر جزء من المريخ. بصرف النظر عن هذا وذاك فإن صيفنا الحالي يكاد يكون مجموعة مخاوف مرة من الواوي ومرة من الذئب, ومرة من البطيخ. فملف الكهرباء لايزال محكوما بهذه المعادلة, ومثله ملف الوزارات الشاغرة, وملف الحرائق الغامض الواضح , وملف داعش, وملف التصعيد الأميركي ـ الإيراني. وأخيرا وربما ليس آخرا وملف البطيخ بعد ظهور عشر فوائد له إحداها خطيرة لاينفع معها لا .. واوي ولا ذئب.