كمال البصري: إنشاء صندوق للتنمية والإعمار ضرورة ملحة
اقتصادية
2019/06/10
+A
-A
بغداد / الصباح
باتت الحاجة ماسة الى تأسيس صندوق للتنمية والاعمار متخصص بتمويل المشاريع الاستثمارية، يعمل بضوابط المؤسسات المالية النظرية بالعالم، وتتوفر به الشروط الموضوعية الضرورية لاستقطاب القروض والمنح وتوفيرها بحسب الجدوى الاقتصادية لاغراض الاعمار والتنمية بالعراق، ويعمل على غرار التجارب الناجحة المتمثلة بصناديق الاعمار التي اسست بالدول التي عانت من حروب واضطرابات اجتماعية كالبنك الاوروبي للاعمار والتنمية والبنك الافريقي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية والبنك الدولي.
المشاريع المتوقفة
رئيس فريق الاصلاح الاقتصادي في الامانة العامة لمجلس الوزراء د. كمال البصري قال: “تأتي الحاجة الى هذا الصندوق بسبب شح التخصيصات المالية الضرورية لتمويل المشايع الاستثمارية للخطة الوطنية 2012 – 2018 والتي تقدر 220 ترليون دينار وعدم قد رة الموارد المالية الحالية وباحسن الاحوال تمويل 60 بالمئة، فضلا عن ما تقدم ووفقا الى وزارة التخطيط إن المشاريع المتوقفة حاليا والمشاريع المتضررة من العمليات الارهابية والعسكرية لا يمكن اتمامها الا بعد مرور 27 عاما اخذين بنظر الاعتبار حجم وقيمة التخصيصات السنوية المخصصة لتنمية المحافظات والاقاليم، الأمر الذي ينعكس سلبا على تلبية الخدمات الأساسية والضرورية للمواطنين. يمكن النظر بان الهدف النهائي للصندوق العودة بالعراق الى النموذج المالي المتميز الذي كان يطلق علية سابقا “مجلس الإعمار”.
احتياجات المواطن
واشار الى انه “قدرت على سبيل المثال الخطة الوطنية للاعوام 2018-2012 الاحتياجات الاستثمارية بـ 220 ترليون دينار ، اخذين بظروف الحالية فالحكومة العراقية لا تستطيع توفري بالحد القصى الـ 60 بالمئة من المبلغ الاجمالي، عليه فان احتياجات المواطن سوف تبقى غير مغطاة لفترة طويلة ومجهولة، حيث توجد شحة بالبنية المدرسية بحدود 8 الاف مدرسة وان نصف المدارس ونصف المشيدة تحتاج الى خدمات اعادة تأهيل، وهناك حاجة الى نحو 3 ملايين وحدة سكنية ونقص حاد في الخدمات العامة الخاصة بتوفر الماء الصالح للشرب وبالصرف الصحي.
وعن الالية المصرفية قال: ان “القطاع المصرفي بالعراق عانى من الاهمال والتخلف بعد ان كان رائدا في منطقة الشرق الاوسط، حاليا الاجهزة المصرفية العراقية تفتقد حجم السيولة النقدية المطلوبة لتمويل المشاريع الاستثمارية، وان ادواتها بالتعامل المالي مازالت بدائية لا تعيش روح العصر، فالممارسات تفتقد الكفاءة والشفافية والحوكمة. علاوة على الصعوبات الفنية فهناك حواجز تشريعية تحول دون قيام المصارف بالاستثمار”.
هدف الصندوق
وبين ان “الهدف النهائي للصندوق العودة بالعراق الى النموذج المالي الذي كان يطلق عليه “مجلس الاعمار” والذي من خلاله يخصص 70 بالمئة من العوائد المالية النفطية الى جانب القروض وتوجه لاغراض الاعمار والتي اهمها تنفيذ المشاريع الاستثمارية ذات الطبيعة الستراتيجية، والحد من الممارسات التي تشجع الفساد وهدر المال، فضلا عن خفض تكاليف تمويل المشاريع الذي بات مرتفعا، وايجاد الفرص التمويلية الدولية وبتكاليف تنافسية، وتوفر الية كفوءة لاستلام المنح لاغراض الاعمار، كما لابد من دعم متطلبات المؤسسات الحكومية على اساس مبدأ الجدوى الاقتصادية، وتوفر آلية بموجبها يتم تحويل العوائد المالية النفطية بشكل تدريجي من الاستهلاك الى الاستثمار في البنى التحتية وحماية الاقتصاد من الآثار الناجمة عن تذبذب سعر النفط، وتوفير التسهيلات المالية والفنية لاعادة تأهيل شركات القطاع العام، ودعم المشاريع التي تعمل على تحقيق الاستقرار السياسي وتشغيل اليد العاملة”.
اما بشأن خصائص ومستلزمات تأسيس الصندوق قال البصري: “عالميا صناديق اعادة الاعمار تملك وتدار عادة من قبل الحكومة والتي ايضا تضع اهدافه وتعيين مجلس الادارة والمدراء التنفيذيين، وان ملكية وعائدية الصندوق تختلف من دولة لاخرى فبينما يكون في بعض الدول ملكية حكومية 100 بالمئة في دول اخرى تتراوح الشراكة مع القطاع الخاص من 1 بالمئة - 49 بالمئة”.
لجنة اشراف
وتابع قائلا “لكي يستطيع الصندوق القيام بدوره المطلوب لابد من تشكيل لجنة اشراف تضم اعضاء من مؤسسات دولية كالبنك الدولي، المؤسسات المالية الاوروبية ومن المؤسسات المالية للدول الاقليمية او دول الجوار، وتشكيل مجلس اداري والذي يضم شخصيات حكومية وغيرها لرسم التوجهات العامة ومراقبة الاداء العام، وتشكيل مجلس تنفيذي للقيام بالاعمال التنفيذية وفقا للمؤشرات والسياسات المرسومة، كما لابد من تثبيت الاسس والقواعد للعمل اي ضوابط صارمة لاختيار الموظفين والمدراء التنفيذيين تأخذ بنظر الاعتبار الاختصاص والتجربة العملية والنزاهة”.
العقود المبرمة
ولفت الى ان “وجود هذه التشكيلات تضمن حسن الاداء والالتزام بضوابط الحكم الرشيد الشفافية، الكفاءة مثمثلة بالجودة الاقتصادية سيادة القانون وغيرها، اضف الى ماتقدم من الضروري للصندوق ان يشترط في جميع العقود المبرمة لتنفيذ المشاريع والممولة من الصندوق ان تكون ضمن المواصفات الدولية على سبيل المثال متطلبات البنك الدولي، كما ينبغي على الصندوق ان يلتزم باصدار نشرات او تقارير دورية بكل قراراته وحساباته وبشكل واسع تحقيقا لمبدأ الشفافية”.
تمويل الصندوق
اكد البصري وجود طرق مختلفة لتمويل الصندوق منها المنح والقروض من المؤسسات المالية الدولية، واستثمارات البنك المركزي عن طريق الودائع، وكذلك التمويل الداخلي والخارجي عن طريق بيع السندات، ومنحة الخزينة العامة السنوية، وبيع العقارات الحكومية، والحصول على تمويل مقابل ضمانات نفطية، ومن تقديم الخدمات الاستشارية والدراسات المالية والاقتصادية التي يستطيع تقديمها العاملون بالصندوق لصالح الاطراف الاخرى، فضلا عن تخصيصات الانفاق الاستثماري للمشاريع المرصدة في الموازنة العامة سنويا”.
المشاريع الاستثمارية
ونبه الى ان “نقل هذه التخصيصات الى الصندوق له منافع منها انه يمكن اكمال المشاريع التي لا تتوفر كامل التخصيصات لها بالموازنة او الشراكة مع القطاع الخاص، كما ان للصندوق بتشكيلته الادارية المقترحة قدرات اكبر بكثير من الوزارات في التعاطي مع المشاريع الاستثمارية، من حيث التنفيذ والرقابة”، لافتا الى ان “الصندوق وبجميع مواصفاته المقترحة يعطي الثقة للجهات التمويلية وبالتالي وبشكل تدريجي تنخفض مخاطر المالية للاقراض والاستثمار باعتباره صندوق حكومي يتمتع بضوابط دولية، كما ان الصندوق يوفر الية مرنة للدعم بالاخص مشاريع PPP شراكة القطاع الخاص للعام بالعراق والتي تكاد تكون معدومة، وان الارباح المتحققة للصندوق من استثمار القروض والعمليات المصرفية يمكن اعادة استثمارها بمشاريع جديدة”.
وقال: “الصندوق يتوقع له ان يحقق ارباحا وان يحقق استقلالية بالاستمرارية بالعمل وعدم الاعتماد على الحكومة بالتمويل او الدعم، وطالما ان عائدية الصندوق للحكومة فيتوقع منه القيام في الحصول على التمويل بتكاليف اقل وبالتالي يمكن تنفيذ المشاريع بكلفة واطئة، وهنا التجارب الدولية بان الضمانات الحكومية للصندوق بمثابة الية فعالة لاستحصال القروض “.
المشاريع المتضررة
وفي ختام حديثه بين البصري “وجود حاجة ملحة للمحافظات والاقاليم وللوزارات العراقية الى هذا الصندوق لتمويل مشاريعها المتعطشة الى الموارد المالية كبديل عن الاعتماد المباشر على تخصيصات الموازنة التي لا تنعم بالاستقرار بسبب تذبذب اسعار النفط ،في وقت تشير تقارير وزارة التخطيط الى إن المشاريع المتوقفة لكي تنجز وتتم إعادة أعمار المشاريع المتضررة من العمليات الارهابية والعسكرية في ضوء هذه التخصيصات السنوية يتطلب إنجازها على الأقل بعد (27) سنة”.
واوضح انه”في الوقت الحاضر هناك اجواء سياسية ومالية دولية داعمة ومتفهمة لظروف العراق ومستعدة لدعم العراق ماليا وفنيا من خلال الاعانات والقروض، هذه التوجهات تحتاج الى تطوير واقع الادارة المالية والمصرفية وتدني مؤشرات الفساد وارتفاع مؤشرات الشفافية، وان وجود الصندوق وبمنظومة ادارية جديدة تعيش روح العصر سيكون عاملا حاسما في تقديم الدعم للعراق”.