المجلس العسكري السوداني يدعو للتفاوض ووقف العصيان المدني

قضايا عربية ودولية 2019/06/10
...

الخرطوم / وكالات
 
بينما دخل العصيان المدني الشامل في السودان يومه الثالث وسط تأكيد قوى "الحرية والتغيير" في السودان الاستمرار في العصيان لحين نقل مقاليد الحكم لسلطة مدنية انتقالية، دعا المجلس العسكري في السودان امس الاثنين للتراجع عن العصيان المدني الذي بدأته قوى المعارضة المدنية الاحد الماضي، واعتبره قليل الفاعلية معلنا أنه لم يؤثر في الحياة في البلاد، وأعرب عن استعداده للتفاوض.
وذكر شهود ومسعفون ينتمون للمعارضة أن شوارع العاصمة السودانية الخرطوم خلت إلى حد بعيد منذ الاحد الماضي مع بدء حملة العصيان المدني للمطالبة بحكم مدني في البلاد.
وخلت أكبر الأسواق وسط الخرطوم من البائعين والمشترين، استجابة لدعوة العصيان المدني، كما استجاب موظفو شركة "سوداتل (الشركة السودانية للاتصالات) الحكومية" لدعوات العصيان. 
وكانت وسائل النقل العام، بالكاد تعمل، كما أغلقت معظم البنوك التجارية والشركات الخاصة، في حين فتحت بعض بنوك الدولة، ومكاتب المرافق العامة بشكل طبيعي.
وفي مطار الخرطوم، حيث لم تقلع سوى القليل جدا من الرحلات، تكدس المسافرون في صالة السفر كما أغلقت معظم مكاتب السفريات في المطار، بسبب انقطاع الإنترنت، وارتفعت أسعار التذاكر أضعافا مضاعفة.
وأعلن تجمع المهنيين السودانيين، أن "المجلس العسكري" أغلق المستشفيات الحكومية والخاصة مما ولد وضعا كارثيا يمثل تهديدا مباشرا لحياة المرضى والمصابين. 
وقال الناطق باسم "المجلس العسكري" شمس الدين كباشي: "نأسف لهذا التصعيد مع إعلان العصيان المدني في ظل الظروف الدقيقة التي تعيشها بلادنا"، مؤكدا أن "الحياة لم تتأثر كثيرا" بالدعوة لذلك العصيان، و"الأمور تسير بشكل جيد في الخرطوم والولايات".
وأضاف:"نرجو من إخوتنا في قوى الحرية والتغيير التراجع عن العصيان لأنه يؤثر بشكل أو بآخر في معاش الناس وهو ما لا يرضينا ولا يرضيهم".
وعن الشروط التي تضعها قوى الحرية والتغيير، التي تقود الاحتجاجات المطالبة بنقل السلطة للمدنيين، لاستئناف الحوار المتوقف مع المجلس العسكري، قال كباشي: "لم يصلنا ما يفيد من قوى الحرية والتغيير بشروط مسبقة للعودة للتفاوض، وإن كنا سمعنا بها من الإعلام، إذا كانت لديهم شروط، ونأمل ألا تكون هناك شروط، سننظر فيها"، مؤكدا، "لا نمانع في أي طرح يقود لتقريب وجهات النظر بيننا وبين إخوتنا في الطرف الآخر".
وعن مطلب تسليم السلطة للمدنيين، أضاف: "أستغرب مطلب تسليم السلطة للمدنيين، فنحن قبل وقف التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير كنا قد اتفقنا معهم على هيكل السلطة الانتقالية، المتمثل في المجلس السيادي، والجهاز التنفيذي، والجهاز التشريعي، وتوافقنا معهم على المهام والسلطات، وعلى أن رئيس الوزراء ومجلس الوزراء بالكامل من المدنيين وهم يختارونه، وتوافقنا على أن المجلس التشريعي مدني بالكامل، وتوصلنا معهم إلى أن نشاركهم فقط في المجلس السيادي، فعن أي مدنية يتحدثون؟".  
 
الحرية والتغيير
في المقابل أعلنت قوى "الحرية والتغيير" في السودان الاستمرار في العصيان المدني لليوم الثاني على التوالي، وذلك بعد الأحداث التي شهدتها البلاد في اليومين الماضيين.
ونشر تجمع المهنيين، امس الاثنين، بيانا دعا فيه إلى الاستمرار في وقف العمل، مؤكدا تحقيق نجاح كبير في اليوم الأول للعصيان المدني.
وذكر البيان: " ما شهد به العالم أجمع، هو نجاح العصيان المدني الشامل والإضراب السياسي العام في اليوم الأول بعد انتهاء عطلة عيد الفطر المبارك، وهو إعلان شعبي عن الرفض التام للمجلس العسكري".   
وأضاف: "تستمر جماهيرنا في ملحمة العصيان المدني الشامل والإضراب السياسي العام من دون تراجع حتى نقل مقاليد الحكم لسلطة مدنية انتقالية وفق إعلان الحرية والتغيير ميثاق ثورتنا المنتصرة".
وتابع: " سنستمر في: وقف العمل في كافة المؤسسات والمرافق في القطاعين العام والخاص، وعدم دفع أي رسوم، مع الحرص على البقاء في الأحياء وفي المدن والقرى في كل أنحاء السوان.   
واختتم البيان بالقول: "العصيان المدني الشامل والإضراب السياسي العام عمل مقاوم سلمي يقوم على المشاركة الواسعة والقيادة الجماعية، ولكل فرد دور يلعبه حسب موقعه وتخصصه وقدراته. الحل في الشل" حسب وصفه.
وقد وصلت المحادثات بين المجلس العسكري والمعارضة إلى طريق مسدود، في ظل خلافات عميقة بشأن من ينبغي أن يقود المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية، ومدتها ثلاث سنوات.
واقتحمت قوات الأمن السودانية ساحة الاعتصام في وسط الخرطوم، يوم الاثنين الماضي، وقامت بفضه بالقوة. وبحسب لجنة أطباء السودان  المركزية المرتبطة بالمعارضة، بلغ عدد القتلى منذ الاقتحام 115  شخصا.
وكان الاتحاد الأفريقي أعلن، الخميس الماضي، تعليق عضوية السودان حتى تسليم السلطة للمدنيين. وأضاف الاتحاد الأفريقي أنه يدرس فرض عقوبات على الضالعين في أعمال عنف بالسودان.
  
سقوط ضحايا 
الى ذلك لقي أربعة أشخاص مصرعهم طعنا ورميا بالرصاص في الخرطوم وأم درمان، في أول أيام العصيان المدني، بينما فرّقت الشرطة المحتجين بالغاز المسيل للدموع. 
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية، ان اثنين من الضحايا الأربعة، قتلا بالرصاص في الخرطوم ومدينة أم درمان المجاورة بينما قضى الآخران طعنا بآلة حادة، وتوفيا في مستشفى أم درمان.
وأوضحت اللجنة أن حصيلة القتلى منذ القمع الدامي الذي تعرض له المحتجون في 3  حزيران الجاري، ارتفعت إلى 118  قتيلا.  
 
وساطة إثيوبية
وفي سياق الحوار بين المجلس العسكري والمعارضة أعلن المجلس العسكري الانتقالي في السودان، موافقته على الوساطة الإثيوبية "مبدئيا"، مؤكدا الرغبة في العودة للتفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير والأطراف السياسية المعارضة في البلاد.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري: أعلنا لـ(رئيس الوزراء الإثيوبي) آبي أحمد أننا لا نمانع من العودة للتفاوض مع قوى التغيير والقوى السياسية الأخرى، ورأى الوزير أن لا نضع شروطا مسبقة للتفاوض".
وأكد كباشي التزام المجلس بالوساطة المشتركة بين الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا إزاء ما يجري في السودان، مشيرا إلى أنهم في المجلس قدموا وجهة نظرهم للخروج من الأزمة.