هناء العبودي
أقامت منصة شعر في بغداد مدينة الإبداع الأدبي - اليونسكو جلسة حواريَّة لفائز الحداد للحديث عن تجربته الشعريَّة الطويلة وآخر إصداراته على قاعة المدينة الإبداعيَّة في بيت الحكمة بحضور واسع.
وفي الجلسة التي أدارها الشاعر جاسم العلي تحدث الحداد عن "جماعة اختلاف" وعرفها بأنّها "مجموعة من الشعراء اتفقوا عام 2011 على إصدار بيان باسمهم يدون شكل القصيدة التي يتبنونها" ويقصد بها قصيدة النثر والهدف من هذا البيان هو "الدفاع عن هوية قصيدة النثر العربية، وعدم ارتباطها بشكل وثيق بقصيدة أخرى، لأن النثر من التراث العربي وقد سبق الشعر".
وتناول الحداد قصيدة النثر، قائلا: إذا أردنا مراجعتها تاريخيا لوجدنا أنها تمتد من عصر الملاحم وكلكامش وهوميروس والالياذة إلى ما شابه ذلك من المصادر، "فجماعة اختلاف" دوّنت هوية قصيدة النثر العربيّة وشكلها ومتنها المستقل تماما عن النمط الغربي، وقد تحدث عن هذا الموضوع الدكتور محمد علي الخفاجي الذي نشر نصّا نثريا للسيدة زينب "عليها السلام"؛ الموجهة الى سيدنا الإمام الحسين "عليه السلام"، وكذلك تضمن بيان "جماعة اختلاف" أهم التجارب الشعريّة لقصيدة النثر العربيّة والمراحل التي مرت بها، فإذا أردنا أن نعيد لقصيدة النثر اعتبارا في حاضرنا سنكتشف أنها امتداد للموروث النثري العربي الموجود في وطننا العربي .
وتابع الحداد حديثه أن "قصيدة العمود هي امي التي نشأت في أحضانها في مدينة الفلوجة بداية تكويني الشعري" والحداد لا يريد أن يبتعد عنها, رغم تبنيه قصيدة النثر بشكل كبير، حيث أصدر مجاميع متعددة من قصيدة النثر ولم يصدر مجموعة شعرية عمودية إلا في بداية هذا العام. حيث جمع فيها قصائده العمودية وعقد أمسية شعرية في جمعية الثقافة للجميع وتم توقيع وتوزيع الديوان.
وأضاف الحداد أنّ "قصيدة النثر تزامل قصيدة العمود، صحيح أن التراث العربي يعتبر قصيدة العمود هي تراث العرب هي الأصل، ولكن ما الضير إذا كان هناك تحديث في الشعر.
وهناك رأيان بشأن وجود قصيدة النثر وهوية قصيدة النثر والرأي الأول هو ما أطلقه الدكتور محيي الدين اللاذقاني في سوريا والذي ينص على أن قصيدة النثر ناتجة عن التطور الطبيعي للقصيدة العربيّة من شكلها العمودي إلى قصيدة النثر، إلا أنّ الحداد يخالفه الرأي في ذلك. ويعتقد أن قصيدة النثر موضوعها مستقل تماماً عن تطور القصيدة العربيّة. لأن عميلة تبنيها ممتدة إلى الجذور عبر سجع الكهان والنثر الصوفي والنقد الصوفي من مصدرها، فهناك سمات لهذه وأهمها رأي الدكتورة سوزان برنار في كتابها "قصيدة النثر من بودلير إلى الوقت الراهن" حيث وضعت سمات متعددة، إلا أنّ الحداد يخالفها الرأي أيضا، فيما وضع الشاعر أدونيس سمات متعددة لقصيدة النثر .
وأوضح الحدّاد أنّ "أهم مقومات قصيدة النثر أولاً هي الفكرة التي تلخص وحدة الموضوع، والشعر كما هو معروف هو من صير الفكرة لصالح الجملة، فالفكرة تلخص وحدة الموضوع لصالح الجملة. فالنص الحديث هو عبارة جملة كبيرة تتفرّع منها جمل متعددة ومن المفروض أن تترابط هذا الجمل مع بعضها وترجع بانتمائها الى مشيمة الفكرة وموضوعها فتدخل ضمن مواصفات متعددة منها الرمزيّة والاستعارة الحديثة واللغة، واللغة أهم مكون من مكونات الشعر".
ويرى الحداد أنّ قصيدة النثر تستطيع أن تقول ما لا تستطيع أن تقوله القصيدة العموديّة في ثلاث مسائل الصورة المباشرة والصورة السريالية والصورة المركبة التي تجمع ما بين الصورة الخيالية والصورة المركبة .
والشعر في تقدير الحداد هو ليس الكلام الموزون المقفى، فضلا عن الشرط المثالي في التعبير وهو لا يمكن أن يعرف أو يجزّأ بكلمات بسيطة، لأنه يقوم على الشك صوب يقينيات يستهدفها.