سعاد حسن الجوهري
بالبنط العريض بالامكان القول بأن الأمم المتحدة استجابت لطلب بغداد، وستبادر إلى سحب بعثتها من العراق نهاية العام المقبل.
وايضا بالامكان الادعاء بان العراق وحكومته يسيران في طريق نجاح دبلوماسي منقطع النظير، أنهى عقود العزلة المفروضة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، لتجد بغداد نفسها مسموعة النداء دوليا، لا بل اكثر من ذلك (مطاعة الطلب) إن صح التعبير.
وإلا كيف بالامكان تفسير هذا الحراك الدبلوماسي الحثيث دون الأخذ بنظر الاعتبار بأنه رسم خطوطا عريضة واضحة المعالم ومقبولة دوليا، باتجاه تحقيق الهدف الاسمى المتمثل بالسيادة الوطنية الكاملة؟.
فالكل يعرف أن البعثة أنشئت في 2003 بعد التدخل العسكري الأميركي - البريطاني وسقوط النظام السابق، فيما تطور عمل البعثة واكتسبت صفة اخرى هي (مساعدة العراق) بتفويض أممي جديد بعد انتكاسة حزيران 2014 ودخول المد الداعشي الأسود.
لكن عراق اليوم - وبكل المقاييس والاعتبارات - يختلف جملة وتفصيلا عن عراق الأمس، حيث الوثبة الكبرى والطموحة من قبل الحكومة ومنهاجها الدبلوماسي الخارجي، لترميم شبكة العلاقات الخارجية، بل ولعب دور أكبر وواعد في الملفات العالمية المعقدة كوسيط مقبول.
نعم فقد رأى العالم بأسره مجلس الأمن الدولي وهو يصنت بالإجماع، بناء على طلب بغداد، أن يسحب من العراق بحلول نهاية 2025 البعثة الأممية الموجودة على اراضيه منذ أكثر من 20 عاما.
وفي كتاب أرسله إلى مجلس الأمن الدولي مطلع أيار/ مايو، تحدث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن تطورات إيجابية ونجاحات، طالبا أن يتم بحلول 31 ديسمبر 2025 إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) الموجودة في البلاد منذ 2003.
واشار إلى أنه في هذه الظروف وبعد 20 عاما من التحول الديموقراطي والتغلب على التحديات المختلفة، لم تعد أسباب وجود بعثة سياسية في العراق قائمة. ورحب رئيس الوزراء كما باقي القوى الوطنية العراقية وايضا الفعاليات الشعبية بقرار مجلس الأمن، إنهاء تفويض ومهام بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق.
هذا الاجماع العراقي على الترحيب بقرار مجلس الأمن الدولي، جاء نتيجة التقدم الملموس، الذي يشهده العراق وعلى الأصعدة المختلفة والاستقرار على المستوى الداخلي.
فلو تمعنا في البيان الرسمي الحكومي العراقي ما بتد صدور القرار الأممي لوجدنا “تعرب الحكومة العراقية عن ترحيبها وتقديرها لقرار مجلس الأمن المرقّم (2734)، الذي صدر بالإجماع، القاضي بإنهاء ولاية ومهام بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق/ اليونامي، وفق جدول زمني ينتهي بالإنهاء الكامل في 31 كانون الأول 2025.
خاتمة القول هي إن إنهاء عمل البعثة في العراق، يأتي بناءً على طلب بغداد التي اثبتت لمحيطها الاقليمي والدولي رصانة سيرها في الحرص على امن واستقرار المنطقة والعالم، وانها لم تعد مهددة لهذا المبدأ الثابت الذي تعتبره خطا احمرا لا يمكن تجاوزه، ما دفع العصبة الأممية وبمختلف تشكيلاتها وأطرافها إلى الاستجابة والتلبية، تعبيرا عن ثقتها بمصداقية العراق وحكومته.