ارتفاع درجات الحرارة يحفّز السلوك العدائي

منصة 2024/06/23
...

 بغداد: نوارة محمد 


ثمة تأثير للطبيعة والمناخ على سيكولوجية الإنسان ومزاجه وسلوكه، ومن هنا فإن كثيرين ربطوا بين حياتهم وتأثيرها البيئي على نتاجهم الشخصي، وهذا ينطبق أيضا على الانفعالات الشخصيّة اليوميّة، فدرجات الحرارة المرتفعة والسخونة العالية تجعلان البشر يميل الى السلوك 

العدواني. 

يقول أحمد الشيخ إنّ "الروتين اليومي لأغلب العراقيين يبدأ بوتيرة عالية تتصاعد مع رنة أول رنة للمنبّه صباحاً، فمن يستيقظ عليه أن يتذكر أن هنالك مديرا غاضباً ينتظره، وبصمة تغلق بوقت قياسي، ولا يعرف أي زُحام مروري سيواجهه هذا الصباح، ويجب ألا ينسى أيضاً أنه سيقابل مئات البشر ممن لسعت رؤوسهم حرارة الشمس وهم على أهب الاستعداد لخوض نزال شراس، لا يعرف ما إذا سيقاوم درجات الحرارة العالية أم سيسقط مغشياً عليه!. هذه أسباب كافية لتجعل الواحد منّا يُبدي سلوكاً عداونياً في هذه الأيّام 

اللاهبة".

يتابع الشيخ وهو صحافي عراقي: فضلاً عن أن تأثيرات تغيرات المناخ وارتفاع درجات الحرارة التي تنعكس سلباً حتى على دخل الناس وأعمالهم التي قد تتأثر بفعل الارتفاع المستمر، يتأثر كثيرون بالحالة النفسية التي تعود سلباً على قدراتهم الإبداعية والبدنية والذهنية، ما يشكل عاملا محفزا للشعور باليأس وكره الحياة لدى 

كثيرين.

الكاتبة والروائية رغد السهيل تقول: يكاد يكون الفنان أكثر تأثراً بالتغيير المناخي وتقلّبات الطقس من الإنسان العادي، لكن هذا يبدو مختلفاً مع الكاتب الذي يتبع طقساً معيناً في الكتابة، وثمة تأثير كبير تمارسه الأجواء الخارجيّة على النتاج الفكري والإبداعي، وبهذا فإنّ كُتاباً كُثر يعيشون حالة من العُزلة والكآبة خلال هذين الفصلين، ويمر كثيرون بفترة ركود خصوصاً أننا في العراق لا نزال نعيش أزمة انعدام أبسط مقومات الحياة الترفيهيّة 

للعيش.

وبحسب الدراسات المؤكدة فإنّ تغيير المناخ يتسبّب في الإصابة بأمراض نفسية كالقلق والكآبة، فضلا عن أن ارتفاع درجات الحرارة تتسبب بالإجهاد البدني، لكن مواجهة مرحلة الغليان الحراري وهذا الوجه الخطير لفصل الصيف في مدُننا. 

من جهته يؤكد سامر جبر العاني، وهو طبيب أن "تأثير الحرارة على الإيعازات العقلية والسلوك البشري ليس مفهومًا جديدًا، فعلماء النفس والعلوم الاجتماعية درسوا تأثير الحرارة المرتفعة وعلاقتها بالسلوك العدواني الذي قد يؤدي الى الجريمة حتى، وبهذا فإن هنالك تفسيرات عديدة تشير أنّ الجسم البشري يفرز الأدرينالين كردٍّ على الحرارة المفرطة، أما العدوانيّة فتصنف هنا ضمن التأثيرات الجانبية للأمر. ووجد فريق آخر أن الحرارة المرتفعة تزيد من معدل ضربات القلب وهرمون التستوستيرون وردود الفعل الأيضية الأخرى التي تُثير ردود فعل طارئة وغير 

مدروسة". 

التعرّض للتنمّر وحالات العنف الجسدي واللفظي يزيدان في فصل الصيف وخطاب الكراهية على شبكات التواصل يصبح أكثر حدة مع ارتفاع درجات الحرارة، وبحسب مدير مفوضية حقوق الإنسان في ديالى صلاح مهدي صالح، فإن "تأثير ارتفاع درجات الحرارة والانقطاع المتكرر للكهرباء الذي أدى الى زيادة حالات العنف الأسري خاصة في الأشهر الملتهبة حزيران وتموز وآب هي من الأشهر التي تصل درجات الحرارة فيها الى 50 درجة مئوية مما أدى الى تزايد حالات العنف بنسبة لا تقل عن 30 بالمئة".

أما الناشط البيئي أسامة حسين فيقول إنّ "العيش تحت 45 درجة مئوية أمر يشير أنّ الأيام المقبلة غير متخمة بالهدوء والسلام النفسي، نحن بحاجة للترويج لحملات التشجير التي تحد بدورها من التعرّض للسموم الحراريّة وتساعد على ترطيب الهواء، فضلاً عن أنّها تسهم في تنقية الهواء وتقليل درجات الحرارة إضافة إلى ذلك الحد من التصحّر والعواصف الغباريّة".