فجر محمد

لم يتوقف عن السعال وكأن نوبة ربو هاجمته، لكن قاسم حميد كان يعاني من حساسية شديدة في الجهاز التنفسي، تولدت لديه منذ أن بدأ بالتعامل مع الدهانات ومن انواع متعددة، ويبين حميد عدم اكتراثه في بادئ الأمر، ولا اهتمامه بتلك النوبات، التي سيطرت عليه خصوصا عندما يقوم بصبغ الجدران، والأبواب.

في حين كان من المفترض أن يرتدي حميد كمامة ويتخذ اجراءات الوقاية، والسلامة في عمله لكي لا يصاب بتلك الحساسية، التي أشار إليها الاطباء والمختصون، بأنها خطيرة ودعوا إلى ضرورة الابتعاد عن تلك الدهانات، ولذلك سعت الشركات الصديقة للبيئة اليوم، إلى انتاج مواد واصباغ ذات تاثير قليل، أو ربما منعدم تماما على صحة وسلامة الجهاز التنفسي، فضلا عن اعضاء الجسم الاخرى. ولكن هذا لا يمنع ضرورة الاهتمام بالصحة والسلامة المهنية.

غازات وأبخرة

على مقربة من أبخرة الدخان المتصاعدة من معامل الطابوق، كانت الصغيرة زينب تحاول تغطية وجهها بقطعة قماش بالية، فيما كانت تهم بحمل الطابوق ورفعه من مكان إلى آخر.

فهي لا تدرك حجم الخطورة التي تتعرض لها كل يوم، نتيجة استنشاقها للغازات والأبخرة والدخان الذي تطلقه المعامل، فهي وشقيقها الأصغر وأسرتها، يمتهنون هذا العمل منذ طفولتهم.

ولا يخفى على أحد الظروف القاسية، التي يعمل بها أولئك العمال، فهم بعيدون تماما عمَّا يعرف باجراءات الوقاية والسلامة المهنية، التي تقتضي توفير الحماية لهم في بيئة العمل. وتروي زينب تعرضها لحوادث متعددة، فضلا عن مشكلات في الجهاز التنفسي بسبب بيئة العمل.

تشدد منظمة العمل الدولية على العمال والعاملين في مختلف القطاعات، على الانتباه والحذر والوقاية من الحوادث والأمراض أيضا، ومن الأهداف الأخرى، التي تسعى لتحقيقها منظمة العمل الدولية هو حث أرباب العمل على تحسين البيئة للعاملين لديهم.

تمَّ إطلاق برنامج العمل اللائق في العام 1999، الذي يضم عدة جوانب، وأهمها تحسين ظروف العمل واحترام حقوق العمال. وأصبحت اليوم الجوانب والركائز، التي يسعى لتحقيقها البرنامج جزءا من خطة واهداف التنمية المستدامة لعام 2030.

احصائياتٌ عالميُّة

في احصائيات صدرت عن منظمة العمل الدولية فان هناك اكثر من مليوني عامل، يموتون سنويا بسبب ظروف العمل، جاء ذلك في تقرير جديد نشرته منظمة العمل الدولية، وأشار التقرير إلى أن التغييرات في بيئة وظروف العمل، كذلك التكنولوجيا والبيئة تؤدي إلى نشوء مخاوف جديدة تتعلق بالسلامة والصحة المهنية. كما شكلت المخاطر والظروف النفسية والتحديات المتزايدة بحسب التقرير، المخاطر النفسية والاجتماعية والإجهاد المرتبط بالعمل والأمراض المتنوعة، ومنها ما يصيب الدورة الدموية والجهاز التنفسي وغيرها.

 وفي احصائية صدرت عن منظمة العمل الدولية، وتحديدا في مجال السلامة والصحة المهنية تبين ان هناك اكثر من مليوني شخص، يتعرضون للوفاة سنويا بسبب الوظائف، التي يمتهنونها. وفي كثير من الأحيان يتعرض هؤلاء العمال إلى أمراض مختلفة بسبب بيئة العمل غير المناسبة، التي تفتقر إلى الشروط الصحية، والمهنية الملائمة لهم. وبسبب الحوادث الكثيرة التي يتعرض لها العمال في مواقع العمل، وتجاهل المسؤولين لهذا الامر في كثير من الاحيان، وخصوصا لشروط الصحة والسلامة والمهنية، لهذا هناك توجه لادخال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتصدر الروبوتات في الكثير من الوظائف والمهن. وهذا ما قامت به شركة الامازون مؤخرا، عندما اعتمدت بشكل كبير على الربوتات في اعداد وترتيب الطرود والبريد الذي يصلها.

في دراسة مشتركة لمنظمة العمل الدولية ونظيرتها العربية، تبين ان شروط السلامة المهنية تختلف في البلدان العربية، اذ هناك بعض الثغرات في الآليات المتبعة في هذا المجال، ومن العوائق التي تقف بوجه الصحة والسلامة المهنية، هو تعطيل التصديق على اتفاقيات منظمة العمل الدولية بخصوص الصحة والسلامة المهنية.

تدابير مهمة

منذ أن عمل سامر فاضل في إصلاح الأجهزة الكهربائية، وأحيانا يستعين به جيرانه لإيجاد حلول لبعض المشكلات، التي يتعرضون لها في المجال الكهربائي، ووالدته لا تكف عن القلق لانه كما تقول والدته: "ينسى في الكثير من الاحيان ارتداء قفازات، أو حتى اتخاذ بعض التدابير الواجب اتباعها أثناء العمل". وهذا بالتأكيد سيعرضه إلى الخطر.

تشير التقارير الواردة من منظمة الصحة العالمية، إلى ضرورة الاهتمام بالصحة والسلامة المهنية بشكل اكبر من قبل رؤوس العمل، والجهات الحكومية والقطاع الخاص. وينصح الخبراء والمختصون بمجال الصحة والسلامة المهنية، بضرورة التعرف على أهم اجراءات وتفاصيل السلامة المهنية، والأمر لا يقتصر على من يعمل في قطاع الكهرباء، بل يشمل ايضا من يعمل في المجال الصحي، فضلا عن الافراد داخل بيوتهم، اذ يجب أن يطلعوا على الكتيبات الخاصة بالاجهزة الكهربائية، بل وحتى قيادة السيارة.

أمراض العيون

منذ أن بدأت عملها سحر ماهر في البرمجيات والحاسوب، وهي تعاني من صداع يصيب عينيها حاولت كثيرا التخلص منه لكن دون جدوى، موضحة أن هذا الصداع يزداد شدة كلما ركزت في شاشة الحاسوب.

تبين فاحصة البصر ايناس حسين أن شاشة الكومبيوتر، تصدر أشعة معينة تؤثر في البصر بمرور الوقت، وقد تسبب الضعف للعصب البصري تحديدا، ولهذا تنصح حسين من يعمل في هذا المجال اخذ دقائق لاراحة العين من التركيز، فضلا عن ضرورة ارتداء نظارة (فلتر) للتقليل من الأشعة الواصلة إلى العينين.