الـرياضـة وتأثيـرها في تحسـين نوعيَّـة النـوم ومدتـه

علوم وتكنلوجيا 2024/06/26
...

 مادلين هولكومب
 ترجمة: بهاء سلمان

هل سئمت من ليلة مضطربة قضيتها مستيقظاً؟ وفقاً لدراسة جديدة، فإن أحد أكثر الأشياء المفيدة التي يمكنك القيام بها هي لربما تكون ممارسة بعض التمارين الرياضية. تقول رئيسة فريق البحث الدكتورة “إرلا بيورنسدوتير”، خبيرة النوم والمحاضرة في جامعة ريكيافيك الايسلندية إن “الأشخاص النشطين بدنياً لديهم خطرٌ أقل لأعراض الأرق ومدة النوم الطويلة، سواء الطويلة أو القصيرة”. ونظرت الدراسة التي نشرت مؤخراً في إحدى المجلات العلمية في بيانات أكثر من 4300 شخص تتراوح أعمارهم بين 39 و67 عاماً على مدى عشر سنوات.
 وتنضمُّ الدكتورة ارلا إلى تطبيق نوم يتتبّع النوم ويقدم نصائح وموارد لنومٍ أفضل، بيد أنَّ الشركة الراعية للتطبيق لم تقم بتمويل هذه الدراسة، ولم يبلغ المؤلفون عن أي مصالح تنافسية. وتمَّ استطلاع آراء المشاركين من تسع دول أوروبيَّة حول تكرار النشاط البدني وكثافته ومدّته، فضلاً عن أعراض الأرق وكمية النوم كل ليلة ومشاعر النعاس أثناء النهار.

نتائج مشجعة
أولئك الذين كانوا نشطين باستمرار كانوا أكثر عرضة بنسبة 55 بالمئة للنوم الطبيعي، وهم الذين ينامون من ست إلى تسع ساعات في الليلة، أما أولئك الذين أصبحوا نشطين خلال الفترة الزمنية، فقد كانوا أكثر عرضة للنوم بشكلٍ طبيعي بنسبة 21 %، بعد التعديل حسب العمر والجنس ومؤشر كتلة الجسم وتاريخ التدخين، بحسب الدراسة.
ويقول الدكتور “ديفيد نيوباور”، الأستاذ المشارك في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، إن “النتائج قوية في حد ذاتها ولكنها مدعومة أيضاً بمجموعة من الدراسات السابقة الموجودة”.
وورد عن الدكتورة ارلا “تتوافق نتائجنا مع الدراسات السابقة التي أظهرت تأثيراً مفيداً للنشاط البدني على أعراض الأرق، لكنَّ الدراسة الحالية تظهر بالإضافة إلى ذلك أهمية الاتساق في ممارسة الرياضة مع مرور الوقت؛ لذلك، فمن المهم أنْ تكون نشيطاً بدنياً طوال حياتك من أجل تقليل مخاطر الأرق وقصر مدة النوم”.
تقول الدكتورة “شاليني باروثي”، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة سانت لويس، إنَّ الدراسة قد تمنح المتخصصين في الرعاية الصحية أداة أخرى إلى جانب الأدوية والعلاج، وتضيف: “إنها تعطينا فكرة عن شيء ربما لا نفكر فيه دائما لعلاج الأرق.»

هل تعالج الرياضة الأرق؟
هناك الكثير من الأسباب التي تجعل النشاط البدني يساعد في الحصول على راحة جيدة أثناء الليل. تقول ارلا: «لقد ثبت أنَّ التمارين الرياضية تعمل على تحسين نوعية النوم ومدته من خلال تعزيز الاسترخاء وتقليل التوتر وتحسين الحالة المزاجية؛ كما يساعد النشاط البدني على تنظيم الساعة الداخلية للجسم ويعزز النوم الأعمق والأكثر تجديداً».
يقول نيوباور إن «هذه الدراسة لا تظهر من تلقاء نفسها أن إضافة التمارين الرياضية ستقلل من أعراض الأرق، لأنها لم تحصل على خط أساسٍ واضحٍ لجودة النوم قبل إضافة النشاط. ومع ذلك، لا تزال هناك أدلة جيّدة في الأفق»، إذ يؤكد نيوباور أنَّ «هناك بعض الدراسات السابقة والمعلومات المسجلة التي تشير إلى أنَّ الأشخاص الذين يبدؤون في أنْ يصبحوا أكثر نشاطاً بدنياً ويمارسون المزيد من التمارين لديهم ميلٌ إلى تحسين النوم أثناء الليل من حيث إجمالي وقت نومهم وقدرتهم على النوم بشكل طبيعي.»
وتضيف باروثي أنَّ “من المهم أن نلاحظ أن الأشخاص الذين عانوا منذ فترة طويلة من مشكلات الأرق لن يجدوا على الأرجح أنَّ التمارين الرياضية تشفي حالتهم تماماً من تلقاء نفسها”، وتشير إلى أنَّ الأمر سيختلف بشكل فردي، فبعض الأشخاص سيرون نتائج مذهلة، والبعض الآخر سيكون معتدلاً، وقد لا ترى مجموعة من الأشخاص أي تحسن يطرأ.
وتوضح باروثي أنَّ “العلاج السلوكي المعرفي للأرق هو الأداة الأكثر فعالية لعلاج الأرق، لذلك قد يرغب الأشخاص الذين يعانون من مشكلات نوم أكثر خطورة في تجربة ممارسة التمارين الرياضية أيضا”.

المباشرة بالانطلاق
ليس عليك البدء في سباقات الماراثون للحصول على الفائدة، فكل ما ينبغي فعله هو البدء فقط، بحسب ما يقوله الخبراء. تقول ارلا: «حتى التمارين المعتدلة الشدة، مثل المشي أو اليوغا، يمكن أنْ يكون لها آثار إيجابية كبيرة على النوم.»
وقد لاحظت باروثي من مرضاها أنَّ هناك دائماً عوائق أمام زيادة النشاط، ولكنْ أي قدر من الحركة سيكون ذا فائدة. “حتى لو كان بإمكانك المشي منزلين فقط إلى اليسار، ثم العودة والمشي منزلين إلى اليمين، فهذه بداية رائعة. حتى لو كنت تقضي خمس دقائق يومياً، عليك فقط أن تبدأ من مكان ما.»
وإذا كنت تريد أن تجعل نشاطك أكثر فائدة لإيقاع الساعة البيولوجية لديك، فيمكنك الخروج في ضوء الشمس، كما يقول نيوباور: “إن التواجد في الهواء الطلق والنشاط البدني يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في إيقاع الساعة البيولوجية لدينا؛ كما أنَّ إيقاعنا اليومي هو الذي يعزز النوم ليلاً واليقظة أثناء النهار. إنَّ الدرجة التي يستطيع بها الناس تعديل أنماط حياتهم لتعزيز النشاط والبقاء في الهواء الطلق والحصول على مزيدٍ من الضوء لديها بالتأكيد القدرة على أنْ يكون لها تأثير إيجابي في النوم ليلاً.»

وكالة سي أن أن الاخبارية