نوزاد حسن
في الثالثة صباحا اخبرني ابني ان جهاز ادخال الاوكسجين لحوض الاسماك متوقف،نهضت،كان الجهاز لا يعمل،اضطررت ان اغسله جيدا لان الاسفنجة الداخلية حين تتوسخ تمنع ايصال الاوكسجين للحوض.وحين اعدت تشغيل الجهاز لم يعمل ايضا.كانت مياه الحوض الصغير غير صافية مع اني اغيره كل يومين.والسمكات الثلاث البرتقاليات اللون يسبحن بحركة بطيئة وسط الماء الراكد.يبدو ان الاوكسجين بدأ ينفد.كانت السمكات يصعدن للاعلى بحيث يلمسن سطح الماء وكأنهن يلتقطن من الهواء شيئا ما.
لاحظت ان النزول الى الاسفل صعب جدا عليهن.يا الهي ارعبتني فكرة موتهن اختناقا.تخيلت اني ساكون قاتلا من نوع جديد.هل حقا ساتسبب بمقتل اكثر الحيوانات براءة.لم استطع احتمال لحظة اختناق هذه الكائنات،اذن ما العمل؟تغيير الماء بسرعة.وفعلا وضعت بعض الحبوب لتقليل نسبة الكلور الموذي لهن.نقلتهن الى الماء النقي بعد تفريغ الماء الميت الخالي من الاوكسجين،لكن الجهاز لم يعمل ايضا،هذه يعني موتهن على ابعد تقدير بعد ساعة او اكثر بقليل.
بلغت الساعة الثالثة واربعين دقيقة,وحركة سيدات الماء البرتقاليات غير مشجعة.جلست كطفل وانا اتامل عالمهن البعيد عن عالمي المعقد.دراما غامضة تحصل داخل هذا العالم الصغير.اكتشفت ان الجوع يترك اثره الواضح على حركة اكبر سمكة من بين الثلاث.تزداد رغبة افتراس الاصغر.اللون البرتقالي اللامع الجميل لا يدع احدا يتوقع ان تفكر سمكة جميلة بافتراس زميلتها.الجوع اذن حاجة قاهرة، وهذه اشارة واضحة تدعوني لحماية السمكتين من السمكة الكبيرة الجائعة.فورا اقوم بالقاء بعض الطعام فتسود العدالة التي امنحها لدنيا صغيراتي المتعبات.
لكن تلك الليلة التي توقف الجهاز عن العمل كانت ليلة مزعجة لي.فكيف ساوفر الاوكسجين بدون الجهاز المخصص لهذا الغرض.اكتشفت اني مسؤول فاشل جدا.اذ لا يعقل ان اقوم بتولي امر ثلاث سمكات للزينة ثم اتنصل من هذه المسؤولية.؟
من المثير للسخرية وانا في عز تانيب الضمير اني اكتشفت ان الكهرباء كانت غير مستقرة وهذا ما يجعل كل اجهزة البيت متوقفة.ولا حل الا بانقطاع الكهرباء الوطنية وتشغيل المولدة التي تهدر قرب بيتي.
كنت مسؤولا عن شعب مكون من ثلاث سمكات لا ذنب لهن الا قراري بانني مسؤول عنهن.اعتقدت انني امارس متعتي الشخصية حين اقتطعت جزءا من البحر في حوض.وكانت هذه العملية غاية في الازعاج.ذلك لان حتى الاسماك تتحول الى كائنات مشاغبة ان قل الاكل او الاكسجين او اذا فقد الماء نقاءه.
كنت معنيا بتوفير البيئة الملائمة في الحوض,وكانت هذه المسؤولية مزعجة حين صرت اتخيل لحظة اختناق مخلوقاتي المسكينات.والاغرب حين بدات اتابع العدوانية التي يسببها الماء غير النقي القليل الاوكسجين. في الحقيقة لم اكن سيد الحوض بل كنت خادما في تلك الليلة.ترى اي شيء يجعلنا نختنق ان تسببنا بضرر للاخرين ولو كان الاخرون اسماكا.ما السر في ذلك.؟