في خطابات الهيمنة الغربية

منصة 2024/06/30
...

  د.حيدر علي الاسدي

يحفل الخطاب الإعلامي الغربي بالعديد من الأكاذيب، التي تحولت إلى حقائق بفضل تناقلها المهووس من شرقيين يعتقدون أن الغرب نافذة التطور والتحضر والتمدن الحقيقي وهو عكس ذلك تماماً، ولنا في حروب الغرب الطويلة على بلدان الشرق النامية خير دليل على ذلك.
ففضلاً عن سياقة الرق وما فعلوه من عبودية مقيتة ببلدان القارة الافريقية، وتنظير فلاسفة الغرب ونظرتهم الدونية نحو الشرق والتي اسهمت بنظرة استعلائية، وعن الضربات العسكرية والمحاربة والإساءة لبلدان الشرق الأوسط، ومنها العربية وبلدان القارة الافريقية بالتأكيد، ناهيك عن انتشار "المثلية" والعنصرية في أوربا بصورة كبيرة، ورأسمالية باتت تسحق كيان الإنسان وتقدم المصالح المادية على الروحية والذاتية لفرد هو محور الكون في هذا الوجود، فالنفعية البراغماتية الغربية تضرب كل أوجه الحياة لتحول الكيان البشري إلى مجرد "شيء".
يعمل الغرب وفقا لمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" في كل مفاصل الحياة، لذا هم مع انفسهم يحملون هذه الصفات الشفافة المتحضرة التي يحفل بها الخطاب الإعلامي والسياسي الغربي، ولكنهم مع "الأغيار" يحملون نظرة استعلائية ودونية إلى الاخرين بطريقة تجعلهم يعتقدون أنهم النوع السامي الذي يجب أن يتسيد العالم.
وهذا ما عملوا عليه عبر حروبهم واستعمارهم لبلدان الشرق أوسطية، وكذلك محاولة اساءتهم إلى مقدسات الشرق الدينية والحضارية والثقافية، مثلما اساءت الدنمارك والسويد للدين الإسلامي ولنبيه الأكرم، وظهور العديد من الأصوات النشاز التي تسيء للشرق بدواع "الحرية" بينما يسعون جاهدين لكتم الأصوات التي تفضح سرقاتهم وعملاءهم.  هذا الغرب سعى للاستعمار العسكري والثقافي والاقتصادي وحاول الاستيلاء على ثروات البلدان النفطية منذ القدم وبطرق شتى وبحجج واهية ومنها "التحرير"، الغرب يكن العداء والكراهية لكل ما هو شرق اوسطي ولما يتصل بالثقافة العربية والحضارة الشرقية بما فيها الدين والتراث والتقاليد.  فتراهم دوما ما يركزون على اظهار الشخصية الشرق أوسطية أو العربية أو المسلمة إرهابية أو متخلفة في خطاباتهم السينمائية وأعمالهم الفنية، وهو ما يؤكد نظرة الغرب إزاء الشرق.  علينا ألا نستورد مقولات الغرب كنموذج مثالي للحضارة الغربية التي يجب أن تسود العالم، بل أن نتعامل بتمحيص وحذر مع هذه المقولات التي ترد لنا معلبة ولكنها مفخخة بكثير من رؤى استعلائية تحاول فرض هيمنات الغرب على مجتمعاتنا المحافظة وتقاليدنا الدينية والثقافية.  الحذر من خطابات الغرب لأنها تضم انساقاً مضمرة تعمل على الإطاحة بكيان الفرد الشرقي بكل السبل والوسائل في محاولة لجعله مجرد تابع لأفكار وإرادة الغرب. حتى فلاسفة الغرب كانوا ينظرون بعنصرية تجاه المجتمع الافريقي، ومنهم "هيغل" في وصف "ذوي العرق الأسود وأنهم أدنى مرتبة من العرق الأبيض" وغيره من فلاسفة ومنظرين مهدوا وكتبوا الدراسات والأبحاث عن استعمار البلدان الافريقية أو حتى العربية، كمحاولة لمساعدتهم للتطور والتنمية وفي حقيقتها هي محاولة للاستيلاء على الثروات، كما فعلوا في الاستيلاء على ثروات البلدان الافريقية وبعض البلدان العربية أيضا.
من الضروري الاعتزاز بهويتنا الثقافية، ولا نستسهل عملية الإطاحة بها أو محاولة تشويهها بخطابات إعلامية غربية تسعى بشتى الوسائل إلى ابراز دونية الشرق والإنسان العربي بالتحديد.
فما أن تشاهد أفلامهم السينمائية، التي تحاكي موضوعات فيها ملامح تطرف أو تخلف حتى تكتشف أنهم وقد زجوا بالفرد العربي أو الأسمر ليكون محل جدل ومشكلة تقلق بنية المجتمع الغربي ويجب التخلص منها بشكل نهائي عبر "تضحيات أصحاب العرق الأبيض بالمجتمع الأوربي" وهنا تكمن العنصرية التي ما زالت تحدث طبقاً لسيرورة الخطاب وتغيراته.
من هنا علينا أن نتعامل بحذر وتوجس مع تلك الخطابات لأن هذا سيغرق أجيالنا الشابة بعديد الشبهات والأفكار الدخيلة.