اسطنبول: ايبك اوزترك
عاش في قصر “طوب قابي” السلاطين العثمانيون أكثر من 4 قرون منذ فتح مدينة إسطنبول عام 1453م، واليوم يعد قصر أحد أهم المتاحف والوجهات السياحية في المدينة التاريخية العريقة، اذ استخدمه محمد الفاتح كمقر إقامة وكان يضم مدرسة الأندرون للمتميزين لتنشئة السياسيين والعسكريين من ذوي المواهب في الدولة العثمانية، وحاليا يعد القصر بما يحتويه من مقتنيات، وخاصة الإسلامية منها،
واحدا من أهم متاحف إسطنبول، وبعد انتقال العائلة السلطانية في القرن الثامن عشر إلى قصر دولما باهتشه، تحول “طوب بابي” في 1924 إلى متحف يضم آثارا من مختلف الحقب التاريخية وخاصة الآثار الإسلامية، وفيه قوس وسيف الرسول محمد (خاتم المرسلين) وشعرات من لحيته، فضلا عن آثار لصحابة وسلاطين.
الأمانات المقدَّسة
قسم الأمانات المقدسة في متحف القصر يتضمن مقتنيات تُنسب إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأنبياء آخرين وصحابة وخلفاء مسلمين من مختلف العصور، وهي محفوظة فيه منذ خمسة قرون، وانتقلت هذه الآثار إلى الدولة العثمانية عقب ضم السلطان “سليم الأول” مصر عام 1517، وإحضاره تلك الأمانات إلى إسطنبول، مقر الخلافة الحديثة، حيث تُحفظ في “الغرفة الخاصة” بالمتحف، وتشمل الأمانات أدوات وآلات استُخدمت في حفظ الأمانات المقدسة فيما مضى، وقطعا نادرة جُلبت من مكة المكرمة والمدينة المنورة، ووضعت جميعها في غرفة يتلى فيها القرآن على مدار اليوم دون انقطاع، الغرفة الخاصة” خُصصت بشكل كامل للأمانات المقدسة منذ عهد السلطان محمود الثاني، وكانت تتميز بحراسة مشددة.
ومنذ إحضار السلطان سليم الأول الأمانات المقدسة بدأ هؤلاء الحراس حماية الغرفة الخاصة وتلاوة القرآن الكريم بجانب الخرقة الشريفة (بردة النبي صلى الله عليه وسلم)، وهو أمر مستمر حتى يومنا الحالي.
ومن أبرز القطع الموجودة بردة النبي صلى الله عليه وسلم وشعرة من لحيته الشريفة وآثار أقدامه ومحفظة لسنه الشريفة، التي كُسرت في غزوة أحد ورسائل له، بالإضافة إلى سيفه كما وتضم الغرفة وعاء طعام يعود إلى النبي إبراهيم عليه السلام، وعصا النبي موسى عليه السلام، وسيف النبي داود عليه السلام، وعباءة النبي يوسف عليه السلام، وسيوفا تعود لخلفاء مسلمين، وبردة السيدة فاطمة بنت النبي محمد، ومفاتيح الكعبة المشرفة، ومحفظة الحجر الأسود.
متحفٌ متميِّز
متحف قصر “طوب قابي” يتبع حاليا لرئاسة المتاحف الوطنية التركية، ويضم على مجموعة من الأسلحة الأثرية تتجاوز 33 ألف قطعة، كانت تستخدم في الدفاع والهجوم والمراسم ويعود تاريخها إلى 1300 عام، ودأب المتحف على ترميم تلك الأسلحة بهدف نقلها إلى الأجيال القادمة، ومن بينها سيف الامام علي عليه السلام .
ويعد جناح الخزانة الداخلية من أكثر أقسام القصر زيارة، بعد جناح الأمانات المقدسة لما يضمه من تشكيلة أسلحة متنوعة تنتمي لحقب تاريخية مختلفة، وتعود مجموعة الأسلحة إلى ثقافات وحضارات ودول متعددة، كالأموية والعباسية والمماليك وتتار القرم والهند واليابان، إضافة إلى مجموعة بارزة من الأسلحة تعود لعهد الدولة العثمانية، تضم المجموعة على أسلحة تعود إلى السلطان محمد الفاتح وبعض السلاطين وكبار رجال الدولة العثمانية، إضافة إلى أسلحة كانت موجودة في الخزائن الملكية بالبلاد، التي فتحها العثمانيون، وأخرى كانت تُهدى للسلاطين.
وتشمل المجموعة أكثر من 33 ألف قطعة، بينها أسلحة هجومية كالسيوف والخناجر وأسلحة نارية، ومهمات تستخدم في الدفاع مثل الخوذ والدروع ودروع الخيل، إضافة إلى أدوات كانت تستخدم في المراسم الرسمية كالأعلام والرايا.
موقع مميز
يطل القصر على مشاهد جميلة تشمل مدخل البوسفور والخليج الذهبي وشطري المدينة الآسيوي والأوروبي، ويحيط بها البحر من ثلاث جهات، وتزينها القبب والأبراج، ويحتاج الزائر إلى 5 ساعات على الأقل للتجول في أنحاء المتحف، لكثرة أجنحته ومقتنياته، ويتدفق السياح بشكل يومي إلى المتحف وقسم كبير منهم يتجولون على شكل مجموعات مع دليل سياحي يشرح لهم تفاصيل المتحف وقطعه الأثرية وامتداداته التاريخية.