بارزاني في بغداد

العراق 2024/07/04
...

أحمد عبد الحسين

زار السيد مسعود بارزاني بغداد أمس بعد غياب ستّ سنوات والتقى بكثير من السياسيين فيها، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. ومن لم يلتقهم أمس فإنّ لقاءات ستجمعه بهم اليوم.
الساسة والمعلقون الكرد قبل العرب وصفوا الزيارة بالمهمة والضرورية في توقيتها كما في الملفات المبحوثة فيها، وأغلب هذه الملفات عالق تعتريه مشكلات جمّة ومعقدة إلى حدّ أنّ القائمين عليها كانوا يضطرون باستمرار لترحيلها إلى زمن لاحق لئلا يسفر الخلاف حولها عن أزمات، فالملف المعلّق على رفّ الانتظار له عواقب أهون من أزمة مستعصية على الطاولة.
أغلب ما سيطرح له جنبة اقتصادية في الأساس، وفي المقدمة مسألة توطين رواتب الموظفين في الإقليم إضافة إلى الشؤون المتعلقة بإنتاج النفط وتصديره، لكنّ هاجس الأمن لن يكون بعيداً هو الآخر عن المحادثات خصوصاً بعد التحركات التركية الأخيرة على الحدود.
مراقبون يجمعون على أن حكومة السيد السوداني منذ تشكيلها ذللت العوائق التي كانت تقف في طريق التحاور العربي الكردي، وأنّ الإقليم يتعاطى إيجابياً مع المركز، ويستشهدون على ذلك بموقف الكرد الأخير من الإساءات الأميركية التي طالت السلطة القضائية العراقية.
وبالمقابل فإنّ الإشارات التي صدرت من العاصمة بغداد كانت مشجعة لاستئناف حوار مؤجل، ومنها ما أصدرته المحكمة الاتحادية أمس من بيان مفسّر لآلية توطين رواتب موظفي الإقليم بما يضمن حرية هؤلاء الموظفين في توطين رواتبهم بأي مصرف أرادوا، وهو تفسير قوبل برضا وقبول حكومة كردستان، وأظنّ أن هذا الرضا والقبول كانا مقدمة لهذه الزيارة المهمة.
لا يخفى أنّ قدراً كبيراً من غياب الثقة كان يلقي بظلاله على العلاقة بين المركز والإقليم بسبب التباس القضايا الخلافية وحساسيتها، إلا أنّ السوداني وحكومته عملا على ترميم هذه الثقة وتمتينها، فقد صرح أمس بالقول “قطعنا شوطاً مهماً في بناء الثقة بين الحكومتين الاتحادية والإقليم، وتجاوزنا المشكلات الموروثة. والأوضاع الإقليمية وتطوراتها كانت حاضرة في اللقاء».
إنّ إعادة الثقة من جديد والبناء عليها أمران لا غنى عنهما لاستمرار العمل السياسي العراقي لأن الكرد عموماً، والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه السيد بارزاني، شريك أساس وفاعل في عمل الدولة واستقرارها.