د. باسم الابراهيمي
تشير الدراسات الحديثة الى أهمية التواصل مع الجمهور وتعدها مسألة أساسية في نجاح السياسات الاقتصادية بل هي جزء أساس من السياسات ومن ثمّ فأنّ الاصلاحات الاقتصادية تكون عرضة للفشل في حال لم تكن مفهومة ومصدقة ومقبولة ومؤثرة في الفئات المستهدفة، لاسيما مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أصبح بمقدور الجمهور بشكل متزايد التعبير عن ارائهم بشأن السياسة العامة وهذا يتطلب المزيد من الشفافية والمساءلة حول العالم، الأمر الذي يزيد من الضغوط على صناع السياسة في تفسير اجراءاتهم بصورة أفضل للجمهور وتوضيح مبررات الثقة فيها.
إنّ تحقيق التواصل المؤسساتي الفعّال يواجه ثلاثة تحديات رئيسة يجب اخذها بنظر الاعتبار هي: أولاً الثقة، التي تعد ضرورية لكفاءة عمل أي اقتصاد ونجاح اصلاحاته، ويبدو من المؤشرات المتوفرة أن الأزمات الاقتصادية تسهم بشكل سلبي في الثقة بالسياسات الاقتصادية وفي الوقت الذي يمكن أن يسهم فيه التواصل بشكل مهم في استعادة الثقة، الا أن ذلك يجب أن يعتمد المصداقية وأن لا يشعر الناس أن التواصل مبني على المناورة من اجل تمرير سياسات معينة لأنّ ذلك سيؤدي الى تعميق ازمة الثقة بين المؤسسة
والجمهور.
أما التحدي الثاني يتمثل في التعلّم من التجربة، إذ أن التواصل الفعّال يجب ان يكون مبنياً على التعلّم من التجربة فضلا عن ضبط عملية التواصل لتتناسب مع المجالات المختلفة التي تغطيها السياسات اي بمعنى أن يكون التواصل مبني على معطيات تتناغم مع السياسة المستهدفة والا فان التواصل لن يكون
مؤثراً.
أما التحدي الثالث فهو أهمية اكتساب قدرات جديدة في مجال التواصل سواء من خلال التكنولوجيا الجديدة او استخدام قنوات متعددة والوصول الى الجمهور مباشرة مع أقل قدر من الوساطة وهو أمر بالغ الأهمية في البلدان التي لا يزال الاعلام الاقتصادي فيها قيد التطور أو التي يهيمن على اعلامها منهاج سياسي
معين.
إنّ تزايد أهمية التواصل المؤسسي مع الجمهور لايصال الرسائل وتوضيح السياسات بدا يظهر على اجراءات صندوق النقد الدولي من خلال استحداث دائرة للتواصل تعنى باستيعاب هذه المتغيرات وتوضيح استراتيجية الصندوق مع الجهات الخارجية، وأرى أننا بأمس الحاجة الى الافادة من ذلك في العراق ولكن السؤال هل مؤسساتنا قادرة على ذلك؟.