علي حسن الفواز
بعد أن انتهى الموسم الانتخابي البريطاني، وفاز حزب العمال بالأغلبيَّة، باتت الأنظار تتجه إلى السياسة، وإلى ما يمكن أن يقوم به رئيس الوزراء العمالي الجديد كير ستارمر من إجراءات وخطط يتجاوز فيها سياسات حزب المحافظين المضطربة، وبرامجه التي أضعفت الموقف البريطاني في معالجة أزمات التضخم الداخلي، وأزمات إدارة الدبلوماسية السياسية والأمنية.
من أكثر الإجراءات التي اتّخذها ستارمر إثارة للجدل، هي الاستباق في معالجة ملف تهجير اللاجئين، والكشف عن بعض خفايا أعبائه المالية الكبيرة، والتي وصفها بالقول بأنها كانت جزءاً من اللعبة الانتخابية لحزب المحافظين، مثلما أنها “حيلة لا تشكّل رادعاً” وأنَّ حكومته ستعمل على وضع خطط سياسية وأمنية تحدّ من الهجرات غير الشرعية.
الصعود العمالي إلى رئاسة الوزراء لن يجد أمامه الطريق سهلاً، فكثير من الملفات لم تزل مفتوحة، وأزماتها تتفاقم، جرّاء ما تركته سياسات حزب المحافظين من تعثّرات في إدارة الملفات الداخلية والخارجية جعلته يفقد ثقة الشارع البريطاني، وهذا ما يجعل تحديات حكومة ستارمر أكثر صعوبة في مواجهة تلك الملفات، ومنها الملف الأوكراني والموقف الأوروبي إزاءها وزيادة الأعباء العسكرية، وكذلك ملف الصراع في الشرق الأوسط والعدوان الصهيوني على غزة، وملف العلاقة التجارية مع الصين، وهذا ما يجعل الحديث أكثر صعوبة عن صياغة عقد دبلوماسي جديد، وانتهاج سياسة خارجية تتسق مع أدلجة حزب العمال في تاريخه، وفي ليبراليته، رغم أنَّ هذا الحزب دعم آليات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلّا أنه تحول إلى قلعة للبرجوازية البريطانية، وللسياسات ذات المصالح التي تُديرها الشركات العابرة للقارات، والعلاقات المثيرة للجدل- أمنياً وسياسياً- مع الولايات المتحدة.
التفكير بسياسات خارجية جديدة، يتطلب وجود سياسات داخلية أكثر تقدمية، وأكثر واقعية في التعاطي مع المشكلات المعقدة التي اتبعها حزب المحافظين طوال “14” سنة، والبحث عن خيارات آمنة لمنع الذهاب إلى صراع نووي مع روسيا، وإلى حرب عالمية ثالثة، والاعتراف بأنَّ العالم يحتاج إلى استراتيجيات كبيرة في السلام السياسي وقطع الطريق على الحروب العبثية، وإقامة التوازن في قضايا التجارة العالمية، وإنسانية العلم والتكنولوجيا ومعالجة تحديات المناخ، فضلاً عن العمل على إيقاف استمرار العدوان الصهيوني على غزة، وإيقاف شامل لإطلاق النار والاعتراف بالحقوق الشرعية والتاريخية للشعب الفلسطيني.