{النهوة} و{الكصة بكصة}.. عاداتٌ قبليَّة ضحيتها النساء

ريبورتاج 2024/07/10
...

 نهضة علي

عادة ما تكون المرأة ضحية للعادات والتقاليد البالية والتي ورثت عن القبلية القديمة، فبالرغم من أن هذه الظواهر تمثل ركائز لتوثيق عرى العلاقات الأسرية والعشائرية، ما بين العمومة والأقارب، إلا أنها أصبحت عادات سلبية لما لها من آثار في النساء.
وتؤكد السيدة أحلام، أنها تعاني من زواجها الذي كانت فيه بديلة لابنة خالها بسبب حب والدتها لأخيها، فتبادلا البنات، وصار الزواج، لذا تعاني فيه مما تمر به بديلتها، فإن تشاجرت مع زوجها، فالأخيرة تكون هي الضحية عبر المقارنة حتى في زيارة بيت أبيها، وفي الملبس والإنجاب والمقتنيات وكل شيء.
وبينت الأربعينية شيماء، أنها ظلت قيد النهوة عليها من أبناء عمها، الذين تركوا محيطهم ليكون شغلهم الشاغل تعطيل نصيبها حتى وصلت لسن العنوسة، وتعد النهوة من العادات القديمة أيضاً.

زواج "الكصة بكصة"
الباحث الدكتور عبد الكريم خليفة، بيّن، أن "الزواج بطريقة "الكصة بكصة" بدأ بالزوال تقريباً، لأن الإنسان في الوقت الحالي بدأ يفهم حقوقه، ويبتعد عن العنف ضد المرأة بأشكاله المتعددة، وأيضاً وجود الأرامل والمطلقات ساعد بأن يكون هناك مجال للاختيار من زوجة إلى أخرى، ولا يحتاج إلى مثل هكذا زواج، إضافة إلى انتشار العلاقات العاطفية والحب وعدم اقتصار الزواج من بنت العم أو الخال أو الأقرباء، بل هناك تنوع بالزواج من القوميات والعشائر الأخرى، وأيضاً سهولة الحصول على الزوجة، إذ لا توجد مهور عالية كما في السابق".
وأضاف لـ (الصباح)، أن "لزواج "الكصة بكصة" سلبيات عدة منها أن الزوجة مهددة بوضع المرأة الأخرى دائماً، حسب شدة القرابة، وحتى الطلاق واستخدام العنف من قبل الطرف الآخر، وهناك سلبيات نفسية مثل احتقار شخصية المرأة والاستهانة بقراراتها ورغباتها، إذ تكون هذه العادات بالأرياف أكثر منها في المدن، وتقتصر على المناطق الريفية المغلقة، إضافة إلى وجود تعدد الزوجات بالقرى ما يدعو الرجال إلى أن يعملوا بهذا الزواج، لأن المرأة بالريف تعمل بالحقل وتنتج وبذلك هي مرغوبة، ما يجعل الرجل يلجأ إلى مثل هذه الزيجات للحصول على زوجة عاملة، فضلاً عن أن بعض الأسر تراه مجالاً لتزويج بناتها كي لا يتعداهن القطار".
ويتابع أن "تطور المجتمعات وتوسع هوة الاختلاط ما بين الريف والمدينة، وارتفاع المستوى المعيشي، وزيادة فرص التعليم وإكمال الدراسة ووجود جهات رسمية ومنظمات نسوية عاملة في هذا المجال تدافع عن حقوق النساء جعلت أغلب العادات القبلية تنحسر أو تختفي أو يزول تأثيرها".

النهوة العشائريَّة
الإعلامي فراس الحمداني أكد لـ (الصباح)، أنه "لا يخفى على الجميع أن المراحل الزمنية المتقدمة أنهت الكثير من العادات والتقاليد العشائرية والمجتمعية، ومنها النهوة العشائرية، والمعنى التوضيحي لمفردة نهوة، هو أن ينهى ابن العم على ابنة عمه عندما يتقدم شخص ما لخطبتها لمنعها من الزواج، ولا يسمح لها بالزواج من غيره، وأحياناً حتى لا يتزوجها فقط يعطل أمر قسمتها الزوجية".
وأضاف أن "الموضوع شبه منتهٍ في العراق، إلا أنه لا يزال هناك بعض العشائر والأسر تعمل وفقاً للنهوة العشائرية، وأحياناً تصل إلى المشكلات المعقدة بينهم حول موضوع  زواج فتاة".
وبيّن أنه "يعتقد أن الجهات الحكومية المعنية بالأمر مثل مديرية شؤون العشائر، والبرلمان وبعض اللجان المعنية بالتعديلات الدستورية كفيلة بأن تجرم مثل هذه العادات التي لا ترتقي إلى مستوى ثقافة شعب متحضر مثل شعبنا".
وتابع، أن "وجود النهوة له تأثيره السلبي في الفتاة، فهو يبقيها معطلة عن إكمال دينها، فضلاً عن أن ابن العم  قد لا يتزوجها، وإن تزوجها فهو يأخذها ذليلة، الأمر الذي يجعل الزواج سلبياً، والنهوة تنعكس سلبياً على الفتاة والشاب، لأنهما لا يملكان حرية الاختيار حينها، ولا بد أن يكون هناك حل بديل عبر التفاهمات الأسرية والعشائرية، ومن التأثيرات السلبية للنهوة أنها قد تؤدي بالفتاة إلى العنوسة، بعد أن منعها الناهي من أولاد عمها عن الزواج، وتبقى على قيد الانتظار، فإن منعها أو تعطيل خطبتها يجعل الكثير من الأسر والشباب الآخرين لا يفكرون بالتقدم لخطبتها أو الزواج منها، وكذلك شباب يعانون من النهوة، ما يجعلهم يعانون من عدم الزواج".