المجتمع والإعلام السلبي!!

اسرة ومجتمع 2019/06/14
...

عالية طالب
مهمة الاعلام البحث عن  الظواهر السلبية المجتمعية ، ليس بغرض التشهير أو استلاب الكرامة أو استغلال الحالة لصالح اهداف اخرى ، بقدر ما هو محاولة لتنبيه المسؤول عن اغفاله لواجباته ومحاولة لتصحيح اوضاع انحرفت عن مسارها.. تلك هي مهمة الاعلام المهني الاحترافي الذي من اول واجباته الحفاظ على القيم الانسانية والبعد الاخلاقي في التعامل مع الاخر وعدم المساس بكل ما يمكن ان يهين الانسانية او يشوه صورة الانسان وحياته.
ما يجري اليوم في الاعلام هو صور متناقضة تخضع الى سياسة القناة وتمويلها واهدافها السياسية أو الحزبية وارتباطها بحكومات ودول تعمل على  تصدير خطابها الايديولوجي من خلال برامج وحوارات وتقارير ولقاءات وصولا الى الدراما والمسلسلات وحتى الاغاني ومحتواها الذي  يعزف خارج سرب الذوق العام والتهذيب المجتمعي المفترض .
محطات عربية وعالمية لها مكاتب وكوادر تعمل محليا وفق خطة مرسومة تذكرنا بما كانت تفعله قنوات معروفة اسهمت في اشعال فتيل عديد ازمات امنية وسياسية وعسكرية واقتصادية منذ التغيير السياسي وحتى الآن، وتنامى جمهور متابعيها لسنوات عدة ثم تعرضت للنكوص بعد ان وصل وعي الجمهور المتابع الى حقيقة  اهدافها وكشف زيف ادعاءاتها المستترة والمعلنة، التي حاولت فيها ان تعزف على وتر الادعاء الانساني المجتمعي الذي استخدمته غطاء لعملها لكنه كان واهيا بدرجة واضحة لم تمكنه من تمرير الكذب والمراوغة طويلا فجاء اليوم بلبوس اخر  ظاهره انساني وباطنه  تشويه صور الانسان وحاجته المادية وظروفه الصعبة وخاصة للمرأة التي هي دائما اول من يدفع الضرائب حين تجد نفسها في واقع اقتصادي صعب إن  اختفى المعيل في اسرتها بسبب الموت أو السفر أو الطلاق أو فقدان مورد الرزق.. هذه المرأة واسرتها وواقعها السكني كانت هي البرنامج التلفزيوني لفضائيات عدة عزفت على سوء الواقع المعيشي  والانساني واخذت دور المانح”المذل” للإنسانية وهي تعرض الواقع الذليل لعائلات اضطرتها ظروفها الصعبة بقبول ان تكون مادة لاعلام مدسوس وفي المقابل صمت حكومي ومؤسساتي يفترض به ان يتصدى لمن يحاول ثلم كرامة الانسان تحت ذريعة كلمة” المساعدة” والتي هي اصلا من واجبات الحكومات ازاء مواطنيها بغض النظر عن امكانياتها وثرواتها ان كانت  باذخة مثل “ العراق” أو ضعيفة مثل دول بلا موارد طبيعية وبشرية.
ما يؤلم حقا ان العراق بكل ميزانياته الضخمة والتي جعلت الفاسد يطمع في سرقتها بعد ضعف دور الرقيب ومتابعته، وقف المسؤول الحكومي فيه صامتا ازاء استلاب الاعلام كرامة المحتاج ولم يعترض على ما يجري وكأن الامر لا ينال منه قبل ان ينال من مواطنيه باعتباره هو المسؤول الاول عن اي خلل يعيشه المجتمع وعليه ان يعمل على انهاء اي مظاهر سلبية مجتمعية ما دام قد قبل ان يكون مسؤولا في حكومات تعاقبت دون ان تعمل على غلق ملفات البطالة والواقع الخدمي والاقتصادي المتردي وبقيت تغمض عينا على الفساد وتفتح اخرى على انشطة لا تقدم الكثير والمهم لمواطنيها الذين سقطوا وسيسقطون تباعا في شرك الاعلام السياسي واجنداته المتشعبة .