تزايد حالات الانتحار بسبب ألعاب الفيديو

اسرة ومجتمع 2019/06/14
...

بول ييب
ترجمة: شيماء ميران
قد تكون لألعاب الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي صلة بتزايد حالات الانتحار بين المراهقين حول العالم، ومن المهم تحديد المشاكل الاساسية التي تجعل من المراهقين اكثر عرضة لهذه المخاطر.
تعد لعبة انتحار المراهقين هي الاكثر انتشارا حول العالم، فهو اتفاق للانتحار مخف كلعبة على الانترنت، حيث تتحدى اللاعبين على مدى خمسين يوما لإداء مهام خطيرة منها إيذاء  النفس تصل ذروتها عندما يقتل اللاعب نفسه. فمثلا ما يسمى بلعبة تحدي الحوت الازرق التي تم استحداثها من وسائل التواصل الاجتماعي الناطقة باللغة الروسية تم الكشف عن صلتها بانتحار اكثر من مئة طفل ومراهق في روسيا واسيا الوسطى واوروبا.
وتم اعتقال قائد اللعبة المزعوم فيليب بودكين (21 عاما) في تشرين الثاني الماضي على خلفية اتهامه بتنظيم مجاميع تشجع على الانتحار.
ففي كينيا كان للعبة صلة بانتحار ثلاثة على الاقل، ما دفع الحكومة الكينية الى اتخاذ قرار بحظرها من جميع مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبت تحذيرا الى كل من شركات فيسبوك وتويتر وغوغل واليوتيوب وأخرى غيرها.
وكانت ردة فعل الحكومة الكينية سريعة ومناسبة، حيث تأمل السلطات ان يحمي هذا القرار المراهقين المستهدفين من قبل القائمين على اللعبة الذين يبحثون عن ضحاياهم المحتملين عِبَر الانترنت بدعوتهم الى لعب هذه اللعبة.
 
دعم المراهق
اما حكومة هونغ كونغ تدرس هذه الحالة ايضا وتبحث عما يمكنها فعله. فعند البحث عن هاشتاك تحدي الحوت الازرق على تويتر ستظهر منشورات رئيسة لأشخاص يتساءلون ما اذا سمع الاخرون بهذه اللعبة، ويطلقون تحذيرات للبقية من الاشتراك بها ويتداولون الاخبار التي تتحدث عنها.
وعند البحث على الانستغرام تنطلق تحذيرات منبثقة تُخبر المستخدمين بان «المنشورات والكلمات والاشارات الى الاصدقاء التي تبحث عنها غالبا ما تشجع السلوك الذي قد يكون مؤذيا وربما يقود الى الموت»، ويُقدم للمستخدمين من المراهقين رابطا معززا بمصادر.
وقد لا تكون محاولات منع إيذاء النفس وممارسة السلوكيات غير الصحية الاخرى كالأكل بشراهة على مواقع التواصل الاجتماعي ناجحة دائما.
لكن الرابط الى خدمات الدعم المهنية مثل التي يقدمها الانستغرام في هذه الحالة يمكن ان تُحول المحتوى الخطر جدا الى فرصة بالنسبة للبعض من اجل الوصول الى دعم واقعي. وهذا ما يجب الترويج له.
وبحسب الابحاث التي قام بها مركز ابحاث الجريمة ومنعها، فان ما يقارب عشرين بالمئة من شباب هونغ كونغ معرضون لسلوك محفوف بالمخاطر، كتعاطي المخدرات وإيذاء النفس والأفكار الانتحارية، لأنهم يميلون الى الاصدقاء ووسائل التواصل الاجتماعي بدلا من طلب المساعدة من مراكز الخدمات الموجودة حاليا.
ويبقى اعتراض المعلومات المؤذية على الانترنت غير كاف. فينبغي تحديد المراهقين المستهدفين والقيام بتثقيفهم ودعمهم لكي لا يقعوا ضحية لمجاميع الانتحار على الانترنت عند الاتصال بهم.
وتشير التقارير الاعلامية عن ظهور هذه اللعبة في بريطانيا  الى دور الاباء والأمهات للعمل مع الاطفال على مقاومة ضغط اقرانهم والذي يُعرف على انه القوة المطلقة التي تبقي المراهقين المستهدفين مطيعين لأوامر القائم على اللعبة من اجل البقاء فيها.
اما في البرازيل قامت مجموعة من المتطوعين بتنظيم حملات مثل حركة الحوت الوردي لمحاربة الاكتئاب وتعزيز القيم الايجابية، وحركة الكابيبارا الصفراء لتشجيع الشباب المحبطين لطلب المساعدة.
 
ألعاب تغسل الأدمغة
هذه الامثلة الجيدة في كيفية مجابهة هذه الألعاب المدمرة كلعبة تحدي الحوت الازرق، ويمكن من خلالها تقديم المساعدة لعلاج القضايا 
الاساسية. 
وفي نهاية المطاف لعبة الحوت الازرق هي مجرد مشغل لقضايا موجودة سابقا مثل التنمر الالكتروني والاحباط وقلة احترام الذات والمعروفة بتاثيرها في المراهقين الضعفاء.
وبالمختصر تحدي الحوت الازرق ليست بلعبة، بل هو برنامج اوجده بعض الاشرار الذين يحاولون القيام بغسل عقول الشباب من خلال امرهم بإتمام بعض المهام التي تعكس الجانب المظلم من التكوين البشري. لذلك لا تسمح ابدا لهذه اللعبة بان تعطل تفكيرك الذهني.
وينبغي حث الاباء والامهات والمعلمين على البقاء يقظين ومراقبة اي سلوك غير طبيعي بين الاطفال في البيت او الطلاب في المدرسة كأن يكون مدحا مفاجئا لافلام الرعب، او اهتماما جديدا بالمنازل المسكونة بالاشباح والاخبار عن جرائم القتل والانتحار، او جروحا جسدية غير مبررة وتغيرات مفاجئة في السلوك، وتصفح مواضيع على الانترنت حول اساليب الانتحار الخ..
فان اثار احدهم الشك بتورطه باللعبة، فالرجاء اولا تقييم وضعه من خلال سؤاله عن الفترة التي مضت على مشاركته فيها وما هي المهام التي طلبت منه اداءها ولا تحاكمه عند الاستماع اليه. ثم قدم له الدعم المعنوي والمعلومات الصحيحة عن الحقيقة وراء هذه اللعبة.
اما اذا استمر بعدم رغبته للتوقف عن لعب هذه اللعبة فينبغي التشجع وترتيب طلب للمساعدة من جهات مختصة.
ألعاب الانتحار هذه هي بمثابة صرخة تدعونا جميعا لتحمل مسؤولياتنا بجدية كمجتمع عالمي مترابط. ونأمل من عمالقة التواصل الاجتماعي ان يتمكنوا من تسهيل وتعزيز الاستخدام الاخلاقي لوسائل التواصل الاجتماعي ووجوب تعظيم القيم مثل العطف والرعاية.
 
عن جريدة جنوب الصين الصباحية