عبد الهادي مهودر
اثنان لا يغفر لهما الوقوع في الأخطاء النحويَّة واللفظيَّة لفداحة الآثار المترتّبة على أخطائهما، الأول المعلّم لأنّه يمثّل قيمة عُليا ولأنَّ ضعف مستواه ينعكس سلباً على مستوى وسلوك تلاميذه، وهو ما ينطبق عليه قول الشاعر (يا أيُّها الرجلُ المعلّمُ غيرَهُ هَلَّا لنفسِكَ كانَ ذا التعليمُ) والثاني هو المذيع التلفزيوني لأنَّ مظهره ولغته وتلفظه الصحيح وحلاوة صوته ومخارج حروفه يجب أن تؤكد
للقاصي والداني أنّه لم يدخل التلفزيون صدفةً ولم يجلس أمام كاميرات الشاشة الصغيرة بالواسطة وأن هذا
المفصل الإعلامي بعيدٌ عن المجاملات والمحسوبيات، والحرص الشديد على اختيار وتأهيل المعلّم والمذيع والمذيعة مؤشرٌ على أن الأمور تسير بشكل سليم وأن الجهات التربويّة والإعلاميّة لا تجامل على حساب المهنة والكفاءة ولا تسمح بمرور الأشخاص غير المؤهّلين لتعليم التلاميذ
ولقراءة نشرات الأخبار وعناوين الصحف.
لكن الأمور لا تبدو على ما يرام في هذين العنوانين الخطيرين، وقبل أيّام وقف أحد المعلمين لإلقاء كلمة في حفلٍ عام ويا ليتَهُ لم يقف ولم يتكلّم ويرتكب تلك المجزرة اللغويّة، وعند نهاية كلمته وفي لحظة التصفيق قلتُ له في نفسي ما قالته الشاعرة الراحلة لميعة عباس عمارة لعريف حفل ارتكب مجزرة لغويَّة مشابهة (إغلط بكيفك إتدلل…تروحلك فدوه القواعد والنحو) ومثلما يكون المعلّم غير المؤهّل علميّاً ولغويّاً وتربويّاً سبباً للتسرّب من المدارس وطارداً للتلاميذ بدل أن يكون نقطة جذب وتأثير إيجابي، كذلك يكون المذيع التلفزيوني غير المؤهل مهنيّاً ولغويّاً طارداً للمشاهدين، ومن الخطأ تجميع وحصر المذيعين من هذا المستوى في الفترة الصباحيَّة التي تكاد تكون ساحة لتدريب أعداء
اللغة العربيّة ولا ينقصها إلا عبارة "اِنتبه المذيعة تحت التدريب".
والقناة الجيدة هي التي تحترم المشاهدين في جميع أوقات وساعات البث الصباحيّة والمسائيّة والنجاح لا يتجزأ لفترة
من دون أخرى، وكذلك المعلّم الجدير بمسؤوليته الجسيمة تظهر جدارته في مستواه العلمي وكلمته المكتوبة او
المرتجلة وفي قراءته الصحيحة، وهو قطعاً ليس كالمعلّم الذي يقول "نهنيء التلميذ علي حسن سلّوكه" فليس في المدرسة تلميذ بهذا الاسم والتهنئة على حُسن السلوك، فقط لا غير.