محكمة العدل الدولية

قضايا عربية ودولية 2024/07/22
...

علي حسن الفواز

قيام هذه المحكمة بإخضاع سياسة الاستيطان الصهيوني إلى المقاربة القانونية يعد سابقة تاريخية مهمة، ورأياً يكشف علناً رفض سياسات الاستيطان وبناء "الكانتونات" في الضفة الغربية والقدس الشرقية التي احتلها الكيان الصهيوني عام 1967

يواجه الكيان الصهيوني مأزقاً قانونياً وأخلاقياً، وإجراءات  تضع احتلاله للأرض الفلسطينية أمام معطيات دولية، رافضة لسياساته، ولا تجد فيه سوى أنه شكلٌ من أشكال الاغتصاب. فما خلُصت إليه محكمة العدل الدولية من نتائج حول عدم قانونية الاحتلال، يكشف عن هذا المأزق،  والبدء بتوجهات تضع الجرائم الصهيونية في سياق ما يمكن تسميته ب"حروب الاحتلال" ذي النزعة العنصرية، فهذه المحكمة وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة رأت أن هذا الاحتلال المستمر للأرض الفلسطينية "غير قانوني" ولا شرعية له، وأن سياسة فرض الأمر الواقع على الأرض لا يُعطي أي مبرر للسيطرة عليها عبر الإجراءات العسكرية، وأن ما فرضه الكيان من  معطيات ينبغي إنهاءها في أسرع وقت ممكن كما قال القاضي نواف سلّام رئيس المحكمة الدولية.
قيام هذه المحكمة بإخضاع سياسة الاستيطان الصهيوني إلى المقاربة القانونية يعدّ سابقة تاريخية مهمة، ورأياً يكشف علناً رفض سياسات الاستيطان وبناء "الكانتونات" في الضفة الغربية والقدس الشرقية التي احتلها الكيان الصهيوني عام 1967، فالرأي الاستشاري الذي طرحته المحكمة كان قانونياً وليس سياسياً، وأنه جزء من عمل هذه المحكمة في النظر إلى  المخالفات القانونية، وأن القيام بنزع أيّ صفة "شرعية" للاحتلال  سيكون من مسؤوليات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لأن ما تأسس على الأراضي المحتلة من سياسات استيطانية يعدّ مخالفة قانونية صريحة، وانتهاكاً للأطر التي يعمل على وفقها مجلس الأمن الدولي.
لقد وجدت هذه الإجراءات مواقف رافضة من الولايات المتحدة، ومن بعض دول الغرب الداعمة للكيان الصهيوني، وبقدر ما يؤطّر تنفيذ رأي محكمة العدل الدولية من صعوبات، إلّا أن ما تكشّف للرأي العام الدولي يفضح حقيقة هذا الاحتلال، وما رافقه من جرائم عنصرية، ومن سياسات تسببت في قتل وتشريد الملايين من الفلسطينيين، والتغوّل في تنفيذ مخطط تهويد الجغرافيا الفلسطينية، ومنع أي إجراء دولي يخص تحقيق العدالة، والاعتراف بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني على الأرض، وفي الشرعية والسيادة وحق تقرير المصير.
هذا " الرأي" الدولي رغم توصيفه الاستشاري، إلّا أنه سيكون دافعاً لمزيد من الضغوط السياسية الدولية، وعلى نحوٍ يدفع إلى الكشف عن كل فضائح سياسات العدوان الصهيونية، لاسيما ما يحدث الآن من جرائم قتل ممهنج في غزة، وفي توسيع سياسة الاستيطان العنصري في القدس وفي الضفة الغربية.